بيانات و وثائق الحزب

حول تقرير جون شيلكوت حرب بريطانيا على العراق

13/07/2016
حول تقرير جون شيلكوت حرب بريطانيا على العراق

اعلن جون شيلكوت، رئيس لجنة التحقيق البريطانية حول الحرب على العراق، يوم الاربعاء 6 تموز 2016، عن نشر تقرير مطول حول خلفية وتفاصيل مشاركة بريطانيا في الحرب. تشكلت هذه اللجنة في بريطانيا سنة 2009 للتحقيق في هذا الامر، وكان من المقرر ان يتم نشر استنتاجاتها خلال عام. بالرغم من ان التقرير يؤكد على بعض الحقائق التي تكذب بطبيعة الحال ما روجت لها آنذاك الحكومة والمؤسسة الحاكمة في بريطانيا من التبريرات لشن الحرب على العراق ولكن يتم طرحها في اطار لا يمس بالمؤسسة الحاكمة والمتورطين في شن الحرب. 

ورد ضمن التقرير تاكيدات وحقائق “استنتجنا أن بريطانيا اختارت المشاركة في غزو العراق قبل استنفاد الخيارات السلمية لنزع السلاح، ولم يكن التحرك العسكري وقتها ملاذا آخيرا”، كما والقى التقرير الضوء على اكاذيب فيما يخص اسلحة الدمار الشامل حيث جاء فيه:”القرارات بشأن خطورة التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل في العراق قدمت بثقة لم تكن مبررة”. هذا وياتي في التقرير “على الرغم من التحذيرات الصريحة، فإن عواقب الغزو قللت من أهميتها، وكان التخطيط والاستعدادات للعراق في مرحلة ما بعد صدام غير ملائمة تماما”.  كما ان “الحكومة فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة.” وحول “قانونية”!! الحرب يقول التقرير: “توصلنا إلى أن الملابسات التي من خلالها تقرر وجود أساس قانوني لتحرك بريطانيا عسكريا لم تكن مبررة على الإطلاق.”، كما وكشف التقرير بوضوح عن أن “القرار النهائي بشأن قانونية التحرك العسكري اتخذه توني بلير وليست رئاسة الوزراء أو المسؤولون القانونيون في الحكومة” واخيرا كيف ان توني بلير اعلن قبل اشهر من بدء الحرب بانه سيكون مع جورج بوش “مهما حدث”.  بالرغم من تسجيل هذه الحقائق في التقرير غير انه لا يحمل مسؤولية مشاركة بريطاينا في الحرب على احد وبالتالي لا تتبعه اي ملاحقات قانونية وجزائية بحق المجرمين في الحرب.  

ان  قليل من التمعن في موقع هذا التقرير في كل سيناريو الحرب يتكشف لنا بانه يشكل وجها آخرا وجزءا مكملا من رزمة الحرب التي شنت من قبل الحكومة البريطانية والمؤسسة الحاكمة فيها.  حيث انه تقرير تم صياغته لمعالجة آلاثار المدمرة لهذه الحرب بالنسبة للمؤسسة الحاكمة في بريطانيا في فترة ما بعد الحرب. فالتقرير لا يكتشف شيئا جديدا ولا يساعد المواطنين في فهم ما حدث، وانما ببساطة يعترف بقسم من حقائق كانت معروفة للجبهة العالمية المناهضة للحرب في وقتها، والتي وبالرغم من ذلك، شنت حكومة بلير الحرب على العراق. اضف الى ذلك ان التقرير ليس نقدا ولا كشف الحقائق الجوهرية المتعلقة بهذه الحرب. انه من السذاجة التوقع من تقرير للمؤسسة الحاكمة كهذا ان يقترب من هذه الساحة الحساسة والخطيرة وبالتالي يبقى التقرير غطاءا مملا وطويلا لماهية الحرب وجوهرها الحقيقي واسبابها الواقعية.          

تتلخص ماهية وجوهر حرب امريكا وبريطانيا سنة 2003 على العراق  في كونها حربا امبريالية متغطرسة  للبرجوازية الامبريالية الحاكمة في البلدين. استهدفت الحرب ترسيخ الموقع العسكري والسياسي لامريكا وبريطانيا في العراق ومنطقة الشرق الاوسط  وتقوية اركان “النظام العالمي الجديد” المهزوز وروجت لها بتبريرات  “الحرب على الارهاب” و نظرية “الهجوم الاستباقي” الامبريالي في اجواء ما بعد  الهجوم الارهابي لـ 11 ايلويل 2001. ان المؤسسة والهيئة الحاكمة البرجوازية الامبريالية في بريطانيا كانت تقف وراء الحرب التي شنها جورج بوش وتوني بلير.

لم تكن الحرب بصدد اسقاط الدكتاتور المجرم صدام حسين وتغيير نظام البعثي الفاشي كهدف في ذاته انما كوسيلة لتحقيق اهداف سياسية واستراتيجية واقتصادية اوسع. ان هذه الحرب جلبت دمارا ومجازر على نطاق قل مثيله في التاريخ المعاصر ولا زلنا نعيش آثارها الفتاكة في العراق والمنطقة لحد الان ولن تتلاشى هذه الآثار في المستقبل المنظور حيث  راح ضحيتها عدة مئات الآلاف من سكان العراق ولا يزال يسقط يوميا العشرات من الابرياء على ايدي ارهابيي الاسلام السياسي من داعش وقبلها القاعدة في العراق. ان سيطرة المليشيات وفرض التراجع المادي والمعنوي على المجتمع العراقي والحرب الطائفية وتقسيم المجتمع​ العراقي وفق التقسيم القومي والطائفي وبناء نظام سياسي على هذا الاساس الذي كان ثمرة الحرب لازالت وبعد 13 سنة يضع الجماهير والمجتمع العراقي في دوامة مازق سياسي واجتماعي يطحن في كماشته الانسان في العراق ويسد باب التقدم امامه.  ان تسليم السلطة ومقدرات المجتمع العراقي الى قوى سياسية غارقة في  الرجعية وفاسدة الى اقصى الحدود دمر حياة الجماهير في العرا ق وكردستان ودوامة ابتلاع ضحاياه مستمرة. ان الحرب الطائفية والتقسيم الطائفي وحتى مايجري من الدمار في سوريا مرتبط بهذه الحرب الرجعية. فقبل يوم من اعلان جون شيلكوت للتقرير قتل في الكرادة ببغداد مئات من المواطنين الابرياء المتسوقين اطفالا وشيوخا، نساءا ورجال على ايدي مجرمي داعش. وبالمقابل، انها لم تكن حربا امبريالية بدون معارضة وبدون احتجاجات مناوئة لها. لقد كانت حربا شنتها الحكومة البريطانية والطبقة الحاكمة في بريطانيا بالرغم من ارادة مواطنيها عموما والطبقة العمالة والشغيلة على وجه الخصوص حيث تظاهر مليونا شخص في لندن يوم 15 شباط 2003 احتجاجا على  الحرب، كما، وجرت تظاهرات اخرى بعشرات الملايين في عدة مدن في  جميع انحاء العالم ضد الحرب.  

ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي والحركة الشيوعية العمالية عموما فضح ومنذ البداية الاكاذيب التي كانت  تُبرر بها هذه الحرب الامبريالية ووقف بشدة ضد هذه الحرب وضد الحصار الذي كان قد فرض على الجماهير في العراق وكردستان منذ سنوات قبل شروعها. اننا ناضلنا بكل قوة، وكجزء من جبهة عالمية تقدمية مناهضة لهذه الحرب الامبريالية، بوجه فرضها على الجماهير في العراق والمنطقة والبشرية المعاصرة. كما واننا كحزب وحركة ميدان عمله المباشر هو العراق وكردستان وقفنا بحزم وبوضوح مبدئي تام وصارم ضدها. فنحن اكدنا، وعلى النقيض من الاحزاب والقوى القومية والاسلامية وانصاف اليسارييين، على انه لم يكن الهدف من  تلك الحرب تغيير النظام البعثي الفاشي وجلب “الديمقراطية” والحرية للجماهير، كما كان يدعيها بلير وبوش ومن اصطف معهما في الاحزاب والقوى في العراق والمنطقة، انما، وبوصفها حربا امبريالية، خوضت لاجل اهداف سياسية واقتصادية رجعية واستعبادية. اكدنا بان اسقاط صدام ونظامه الفاشي لا يمت بصلة بالحرب الحالية. اننا ناضلنا وتصدينا لجميع من كانوا يبررون الحرب بتبريرات واهية ومخادعة داخل الاحزاب والقوى في العراق واكدنا بان نتيجة الحرب ستكون دمار الاساس المدني للمجتمع وسيطرة الارهاييين وقوى الاسلام السياسي والقوى الميلشياتية والطائفية والقومية على مقدرات الجماهير في العراق وسيتحول العراق الى ميدان صراع القوى الاقليمية. فهذا ما حصل فعلا والذي ولا يزال مستمر باشد الاشكال ماسوية.

ان توني بلير وجميع المسؤولين الرئيسيين، المشاركين في اتخاذ القرار بشن الحرب، من الهيئة والمؤسسة الحاكمة في بريطانيا، متهمين بارتكاب هذه الجريمة الكبيرة وبالتالي يجب محاكمتهم في محكمة قضائية مستقلة خاضعة لرقابة الجماهير.  كما، وان اصحاب القرار في اوساط القوى السياسية الاسلامية والقومية في العراق، المشاركة في دعم هذه الحرب الامبريالية مسؤولين عما مرت بها  الجماهير في العراق اثرها.  

مع اعترافات تقرير شيلكوت يصبح من الضروري قيام التحرریین واليساريين والمنظمات العمالية ومدافعي حقوق الانسان في امريكا وبريطانيا بالملاحقة القضائية لبوش وبلير. ليس هذا فحسب، بل ملاحقة كل المسؤولين في المؤسسة الحاكمة في البلدين من اعضاء الكابينة الوزارية ومجلس الشيوخ والبرلمان البريطاني الذين صوتوا للحرب الى المسؤولين العسكريين والامنيين ومسؤولي وكالات الاستخبارات الذين دعوا للحرب والاعلام المأجور الذي روج لها. كما وعليهم مسؤولیة معنوية وانسانیة للضغط علی حکوماتهم للانصياع للتبعات القانونیة والسياسية الناجمة عن فقدان مئات الآلاف من العراقین حياتهم بسبب الحرب وآثارها الكارثية علی المجتمع العراقي. 

نحن الحزبين الشيوعي العمالي العراقي والشيوعي العمالي في كوردستان کجزء من الطبقة العاملة وجماهیر العراق نری انه من حقنا دعوة مواطني بريطانیا وامریکا وکافە التحررین في العالم للوقوف بجانب جماهیر العراق ومطالبها العادلة. 

الحزب الشيوعي العمالي العراقي

الحزب الشيوعي العمالي في كردستان

10 تموز 2016

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى