لا شك ان ان اسرائيل دولة ارهابية، بل هي دولة بلطجة واكثر الدول استهتارا وانحطاطا بالقيم الانسانية في المنطقة والعالم، فدولة تعيش على الظم القومي وتقتل كل يوم الاطفال وتهدم البيوت وتصادر الاراضي دون اي وجه حق، فلن يكون تصنيفها اقل من دولة عنصرية وفاشية ويجب الوقوف بوجهها والتصدي لها كما وقفت الانسانية جمعاء بوجه دولة ابارتايد في جنوب افريقيا وانهت سياستها.
ان غضب القوى الاسلامية الشيعية و زعماء المليشيات الشيعية من قصف معسكرات الحشد الشعبي ليست مصدرها انتهاكات اسرائيل للسيادة الوطنية، فهؤلاء اخر من يتحدثون عن السيادة الوطنية، لانهم جاءوا جميعا على حراب المارينز الامريكي التي داست “السيادة الوطنية” ببساطيلها، وحمتهم ووقع زعيمهم نوري المالكي انذاك اتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية التي تخولها وتحت يافطة حماية امن العراق التدخل السافر بشؤونه الداخلي. واكثر من ذلك فالسيادة الوطنية مخترقة من الجيش التركي، وها هي حكومة اقليم كردستان تصرخ منذ ايام وتناشد الحكومة العراقية بالتدخل للحد من تطاولات الجيش التركي وقصف طائراته للقرى وقتل المدنيين الابرياء الى جانب وجود عشرات القواعد العسكرية له دون موافقة الحكومة العراقية، فلا تهديد ولا وعيد ولا حتى زوبعة في الفنجان مثلما يطلقها اليوم وعلى راسهم المالكي ضد اسرائيل، وقبلها كانت قوات الحرس الثوري الايراني تقصف مناطق في كردستان العراق وتغتال المعارضين السياسيين، فلم نسمع دبيب نملة لا من الحكومة العراقية ولا من مليشيات الحشد الشعبي تشجب او تستنكر كأضعف الايمان.
اما المتاجرة بالقضية الفلسطينية، فالسخرية والمأساة تكمن بأن جميع الانظمة القومية العربية الفاسدة والاحزاب الاسلامية التي اثبت في العراق اكثر فسادا وقمعا وبلطجة من تلك الانظمة ترفع راية القضية الفلسطينية، لتسويق نفسها في اسواق افلست منذ زمن نظام صدام حسين وسقوط جميع الاقنعة. فنظام صدام حسين وعبر شعار الدفاع عن الامة العربية وتحرير فلسطين فرض القمع والسجون والمعتقلات وكل انواع التعذيب واشكال من الحرمان واليوم تحاول القوى الاسلامية بعد ان عاثت فسادا في الارض من استخدام الورقة العروبية المحروقة. فصحيح مثلما قال ماركس ان التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة بشكل تراجيدي واخرى بشكل كوميدي، فها هي صورايخ الحسين والعباس التي اطلقها صدام حسين على اسرائيل في حرب الكويت ينتقل زر اطلاقها الى يد القوى الاسلامية!!!
واذا ندع جانبا كل الصرخات الدعائية والفتاوى والتهديد والوعيد من قبل القوى الاسلامية ومليشياتها في ضرب اسرائيل والقواعد الامريكية في العراق وانهاء الوجود الامريكي فهي اقرب الى صرخة الم اكثر مما هو لاستهلاك الاعلامي، فأيران اوعزت لوكلائها في العراق بعدم التعرض الى القواعد الامريكية منذ شهر ايار المنصرم، مثلما اوعزت الى قواتها ومستتشاريها بعدم التحرش بالقوات الروسية الحليفة في سورية. فالموقف الروسي في سورية لا يختلف عن الموقف الامريكي في العراق تجاه السماح للطائرات الاسرائيلية في قصف مواقع معسكرات الحرس الثوري وحزب الله في كلا البلدين التي تهدد امن اسرائيل. وكلا الدولتان روسيا والولايات المتحدة الامريكية تستفيد من استهتار دولة اسرائيل في المنطقة لازاحة اللاعبين الصغار او ترويضهم وتقويض نفوذهم في المنطقة وخاصة نحن نعيش على اعتاب مرحلة انتقالية طال امدها من اجل اعادة تقسيم المنطقة.
ولا يخفي على احد، عدم الانسجام في مواقف قادة الحشد حول التعاطي مع قصف معسكراتها وتوحيد مواقفها تجاه الوجود الامريكي في العراق وتحميل الاخيرة المسؤولية بالتواطئ مع اسرائيل. فالفياض رئيس الحشد نأى بنفسه عن تصريحات نائبه ابو مهدي المهندس بتوجيه الاتهام الى القوات الامريكية، كما لم يحضرالمهندس الاجتماع الذي جمع الرئاسات الثلاثة مع خمسة من قادة مليشا الحشد وابرزهم العامري للبحث في تنامي الضربات الموجهة لمليشيات الحشد في عدة نقاط من العراق. وهذا يكشف عن تباين المواقف والتخبط الذي يعتري في صفوفهم، بين من يريد الحفاظ على دولة المليشيات ليحسم الصراع على السلطة السياسية في العراق وان تسير على منحى الجمهورية الاسلامية اي وجود الحرس الثوري الايراني او في اسوء الاحوال دولة حزب الله في لبنان، وبين من يمسك بقبعته ويحاول ان يحافظ على قسمته من الامتيازات والسلطة خوفا من الولايات المتحدة الامريكية وما تخبئها الايام في خضم الصراع الايراني-الامريكي.
اي ان كل الصرخات حول” السيادة الوطنية” واعادة انتاج مقولات “الكيان الصهيوني” و “المقاومة” هي من اجل اخفاء حقيقة ما تخفيها تلك المليشيات في مخابئها ومعسكراتها واجنداتها السياسية.
بالنسبة لنا نحن الشيوعيين ان موقفنا هو في الوقت الذي نشجب سياسة دولة اسرائيل في فرض الاجواء العسكرتارية والحربية واشعال حرب في المنطقة من اجل فرض هيمنتها وعنجهيتها كي تتوج قوة اقليمية في المنطقة وتملي شروطها، في نفس الوقت ندين سياسة تحويل مراكز عمل ومناطق ومحلة سكن ومعيشة الناس الى ساحات حرب ومعسكرات عسكرية، وان حكومة عبد المهدي المسؤولة المباشرة عن امن وسلامة الناس، وعليها ان تغلق جميع المعسكرات التي تقع في تلك المناطق و حل جميع المليشيات والعمل على حيلولة عدم تحويل العراق الى ساحة حرب بالوكالة. ان جماهير العراق بحاجة الى خدمات والى فرصة عمل او ضمان بطالة والى الامان وليس الى جرها الى اتون محرقة جديدة من اجل اجندات سياسية مفضوحة.