بصدد الهجوم الصاروخي على مدينة اربيل!
تعرضت مدينة اربيل يوم 12 من آذار الى هجمة صاروخية كبيرة، إذ أطلقت عليها 12 صاروخا باليستيا. وقد أصاب العديد من المباني مخلفاً عدداً من الجرحى. ولقد أقرت الجمهورية الإسلامية وقوات الباسدران هذه المرة علناً بأنهما من يقفا وراء عملية القصف هذه الذي استهدف وفق تصريحات مسؤوليهم، “مركز تجسس إسرائيلي” في أربيل. وبينت عن ان هذه الخطوة تأتي رداً على قتل إسرائيل لاثنين من القادة العسكريين الإيرانيين في سوريا.
إنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها قصف مدينة اربيل او مطار اربيل او غيرها، تحت ذرائع مختلفة، مثيرة رعب وقلق وهلع كبير في افئدة المدنيين الابرياء والعزل. بيد إن ما هو جديد هو إعلان الجمهورية الإسلامية نفسها عن وقوفها وراء هذا الحدث، فيما كانت سابقاً وعلى طول الخط تقوم بهذا العمل عبر مليشيات موالية لها بأسماء متنوعة و بذرائع متنوعة مثل “المقاومة” وغيرها وتنأى بنفسها عن الأمر. إن هذا الإعلان السافر يعكس بوضوح درجة كبيرة من احتداد الصراع وتعمقه، وبالتالي مخاطره.
إن المبررات التي تتحدث عنها إيران ليست لها اي صلة بحقيقة الأمور. إنها لذر الرماد في العيون وتضليل سافر. إنها تتعقب عدة أهداف. إذ تأتي هذه الخطوة ارتباطاً بالأوضاع العالمية والصراع الامبريالي العالمي من أجل إعادة تقسيم العالم وسعي كل طرف محلي أو دولي لنيل أكبر ما يمكن من النفوذ والسلطة في المنطقة. إذ تسعى الجمهورية الإسلامية لتقوية نفوذها وتثبيته في المنطقة بوصفها طرف يقف في خندق روسي-صيني معادي لأمريكا والغرب، وعلى صعيد المنطقة بوجه النفوذ التركي والخليجي.
من جهة أخرى، تعرض نفوذ الجمهورية الاسلامية في العراق ولبنان والمنطقة الى ضربات جدية ومؤثرة. أهمها هي الهجمة الشرسة للجماهير الداعية للحرية والمساواة المنتفضة في تشرين 2019، حيث هاجمت وحرقت قنصليتها وتصدت لها بأنها طرف أساسي في معاناة جماهير العراق، بالاضافة الى الضربة الموجعة التي ألحقها المنتفضون بالتيارات المليشياتية الموالية لها، وتراجع نفوذها السياسي الكبير في العراق بعد إسقاط حكومة عبد المهدي الموالي لها وآخرها الهزيمة الانتخابية الماحقة التي تعرض لها مواليها و افتضاح الدور الإجرامي لهذه المليشيات وإيران على نطاق إجتماعي واسع، ناهيك عن إغتيال سليماني والمهندس والخ. يتعقب هذا الهجوم إسترداد الجمهورية الإسلامية، ومعها مواليها، المبادرة والعودة الى الميدان كطرف وقوة في الساحة السياسية في العراق بعد ان فرضت عليهم الأوضاع والتحولات تراجعات جدية. كما إن هذه الخطوة وهذا المسعى يكتسبان أهمية خاصة في ظل الصراع حول تشكيل الحكومة المقبلة والسعي لنيل جزء من مكانتهم المندحرة. وعلى صعيد كردستان، يستهدف الى نيل مكانة اكبر لتقليم اظفار الحزب الديمقراطي وحليفه تركيا، وإمالة ميزان القوى ولو قليلاً بالضد من الحزب الديمقراطي الذي يحذف شيئاً فشيئاً غريمه التقليدي، الإتحاد الوطني الكردستاني، حليف إيران.
إن هذا الهجوم مدان جملة وتفصيلاً. إنه مسعى لدفع المنطقة إلى أتون صراعات دموية مقبلة تعرض حياة ملايين المدنيين في كردستان للخطر، أناس لا مصلحة لهم في كل ما يجري من صراعات، بل دفعوا ولا زالوا من عقود يدفعوا ثمناً باهضاً لها. كما يدين الحزب سياسة التلاعب التي تقوم بها الأحزاب القومية الكردية عبر السعي لإلحاق مجتمع كردستان في محرقة صراع المحاور والاستقطابات. إن جماهير كردستان تتطلع للحرية، للرفاه، للمساواة وليس للمحاور.
اننا في الحزب الشيوعي العمالي نشجب وبشدة المواقف غير المسؤولة و الذليلة للسلطة المليشياتية الحاكمة في العراق التي تمخض كل عملها تجاه هذا العدوان بـ”السعي لتشكيل لجنة لمعرفة مدى وجود مركز تجسس إسرائيلي في اربيل!!” ويقف الحزب بكل قواه بوجه كل الدعوات والضجيج القومي والطائفي للولائيين وأبواقهم الذين يسعون لحرف الأنظار عبر سياسات التأليب القومي من أجل خدمة مصالح أولياء نعمتهم في إيران.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
١٦ آذار ٢٠٢٢