كلمة خسرو ساية رئيس المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي الكردستاني في المؤتمر السادس
الرفاق، المندوبين والحضور في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي العمالي العراقي…
تحية طيبة…
باسمي وباسم السكرتير وكل اعضاء اللجنة المركزية، نهنئكم بمناسبة انعقاد مؤتمركم السادس، وكلي امل في ان يكون هذا المؤتمر خطوة كبيرة صوب الدفع بالمهام الملقاة على عاتقكم في هذه المرحلة فيما يخص الوضع الراهن للعراق والنضال الطبقي للعمال والجماهير الكادحة.
رفاق!
سواء فيما يخص حياة الحزب وحركة الشيوعية العمالية على صعيد العراق والمنطقة او الاوضاع غير المناسبة التي ابتلت بها جماهير العمال والكادحين، فان لهذا المؤتمر مكانة خاصة. ولايمكن ان ننظر اليه كمؤتمر روتيني وحزب عادي. بالأخص ان الجميع يدرك ان الوضع غير المناسب والمصيبة التي فرضتها الطبقة البرجوازية والسلطة لما يقارب العقدين على مجتمع العراق، وتنتزع كل يوم وكل لحظة ضحاياها من الجماهير المحرومة. لا يمر يوم دون ان تمر صور واخبار الماسي والظلم والجرائم التي ممثليها هم الاطفال والشباب والموظفين والجماهير المحرومة. ولا يمر يوم دون ان نرى الهجمات الاقتصادية والسياسية للطبقة الحاكمة والجماعات القومية والاسلامية المجرمة باسم الحكومة والبرلمان وبدعم امريكا ودول المنطقة، دون ان تواجه الجماهير الفقيرة والجائعة المصائب، الفقر والبطالة، القمع والارهاب، غياب الخدمات، قتل وقمع النساء، وغياب الامن والامان الاجتماعي، كل هذا جنب الى جنب الحروب والدمار والصراعات الطائفية والجماعات والعصابات القومية والاسلامية وقواهم المليشياتية. لم يبقوا اي مكان لأبسط حقوق المواطنين. ليس هذا وحسب، بل خلقوا دوامة وضعت مرة واحدة علامة استفهام جدية على معنى الحياة والكرامة الانسانية. في اوضاع مثل هذه، ليس بوسع المهام الشيوعية والحزب الشيوعي العمالي العراقي ان يكون طرف مراقب ومحلل للأوضاع. ليس بوسعه ان يرضي نفسه انه قوة تبث الوعي ودعائية. بل عليه ان يكون حزب محرر ومنقذ ومتدخل، حزب يسحب المجتمع من ايدي كل هذه الوحوش التي تجمعت تحت عباءة الديمقراطية والبرلمانية والانتخابات والتي رمت حياة الجماهير في هذا الجهنم، في وقت هم منشغلون بمليء جيوبهم وجمع الرساميل وسرقة ثروات المجتمع.
ان الشيوعية وحزبها وفقاً لفلسفة وجودهما ليست شيئاً سوى تثوير الواقع القائم، ليست شيئاً سوى قيادة احتجاج الجماهير المنكوبة، يقودها ويرشدها للتغيير الثوري وتغيير ميزان القوى بحد بحيث ان تمسك الطبقة العاملة وكادحي المجتمع مصيرهم بيدهم وتكون القوة التي تنتزع المجتمع من هذا الوضع الذي تغط فيه وتعيد الامل لتحقيق مجتمع حر ومتساوي. بكلمة واحدة، ان مهمتنا نحن الشيوعيون العماليون ليست شيئاً سوى اعداد الطبقة العاملة لثورتها الاجتماعية. ان عمل مثل هذا هو دون شك يتطلب منا ان نكون حزب الاقتدار والسلطة وتغيير موازين القوى الطبقية. وعليه، فانه لا يستلزم من المؤتمر غير ان يضع على عاتقه مهمة ان يمضي صوب اعداد النفس وتوفير امكانيات ومستلزمات هذه المهمة، وان يتخذ خطوة تكون اساس بناء حزب تغيير… وان هذه ليست تطلعاتنا من المؤتمر والحزب، بل انها تطلعات ملايين الجماهير العمالية والكادحة التي ترنو انظارها الى قوة بديلة ومغيرة للأوضاع.
الرفاق مندوبي المؤتمر!
نعم ان حزبنا لازال ضعيفا ولديه عشرات النواقص، وصحيح انه يواجه نواقص عملية ويفتقد للإمكانيات، ولكن لازال هذا الحزب، بسياساته وتصوراته، بالأفكار التي لديه بوسعه وبإمكانه ان يكون بديل وقوة تغيير ثوري للمجتمع، اذا ارادت قيادته وكوادره ان يتحلوا بالإرادة وان ينفصلوا عن ماضيهم واسلوب عملهم، اذا ارادت قيادته وناشطوه ان يكونوا في الميدان وان ينصبوا اعينهم في وقائع المجتمع ووضعه غير المناسب وان ينبض قلبهم مع نبض قلب الاحتجاجات ونضال جماهير العمال والكادحين ويقترنا ببعض. مثلما قيل ان الانسان صانع تاريخ عصره.
رفاق… اذا القينا نظرة على الطبقة البرجوازية وسلطتها وقواها، نرى بوضوح ان فرصة انفتحت منذ زمن امام الشيوعية العمالية واحزابها، ازمة اقتصادية وسياسية عميقة وخانقة، انقسام وتشتت وتفكك صفوف الحكومة والصراع بين اطراف اقطابها العالمية والاقليمية، بموازاة ذلك وجود احتجاجات اجتماعية واسعة شرعت بها قوى عظيمة من العمال والكادحين، في اوقات تقف الطبقة البرجوازية وسلطتها مكتوفة الايدي جراء عجزها عن الرد على المشكلات الاقتصادية والامنية والسياسية، عجزها عن الرد على ابسط مطاليب المواطنين المحتجين الذين جنبها، بالإضافة الى انعدام افقها وغياب بديل لإرساء نظام اقتصادي وسياسي وحكومي على صعيد المنطقة….
ان كل هذه الوقائع طرحت امام الشيوعيين والطبقة العاملة ان تقوم بدورها التغييري، حتى ان الوضع بشكل بحيث ان السلطة وقوى الطبقة البرجوازية ليست عاجزة عن ان تعيد ترتيب وضعها وتقسيم مناصب سلطتها وان تحقق ثبات سياسي واقتصادي وتصلح هذا الوضع… ان هذه كلها فتحت الباب امام النضال من اجل انتزاع السلطة السياسية وان كانت امر صعباً. من ناحية اخرى، ان هذه التحركات الجماهيرية هي من اجل ازاحة هذه السلطة وانهاء هذا الوضع والتي تشمل كل زقاق ومركز مدينة، ناهيك عن الاحتجاجات اليومية للأقسام المحرومة من المجتمع من اجل الخبز والعمل والمعيشة، تنظيف مدن مثل البصرة والناصرية، الى انتفاضة المدن وانتفاضة اكتوبر نفسها والتجمعات الجماهيرية الواسعة في ساحة التحرير التي اطاحت بحكومة عادل عبد المهدي وعمقت من الازمة الحكومية حتى الان. لا تقول لنا كل هذه الوقائع حقيقة ان الجماهير المحتجة قد قصرت في النضال والاحتجاج، ليس هذا وحسب، بل انه دليل على وجود احتجاج اجتماعي عميق في الميدان لا من اجل اسقاط هذه السلطة وحسب، بل من اجل اجراء تغيير ثوري جعل من الانسان العامل والكادح ونضالهم من اجل ارساء مجتمع اشتراكي امراً محورياً. وعليه، لا تقول لنا هذه الحقيقة ان فرصة مطروحة امامنا، بل تطرح سؤالا مفتوحاً امامنا وهو: هل بوسع الحزب الشيوعي العمالي ويريد ان يمضي صوب هذه الحرب الطبقية في رحم هذه الاحتجاجات الاجتماعية وينشد ازاحة السلطة والتغيير في المجتمع، ويخلص المجتمع عملياً من هذه الوضعية؟ هل بوسعه ان يبدا بنوع اخر من القيادة والنشاط الشيوعي وان يبرز مستلزمات هذا السؤال في نفس. براينا، ان هذا هو السبيل الوحيد والمهمة الاساسية لهذا المؤتمر وان يكون امله وتطلعه هو هذا الامر فحسب.
الرفاق الحضور في المؤتمر!
ليس الحزب الشيوعي العمالي العراقي وحيداً في النضال والدفع بمهامه. الطبقة العاملة في ايران وطيف واسع من ناشطي الشيوعي العمالية، جنباً الى جنب الحزب الشيوعي العمالي في كردستان، والتي لديها وجود في المنطقة، وتربطهم مهام ونضال وخلفية مشتركة، بالإضافة الى ان وضع المنطقة والنضال الطبقي يضعا مهام مشتركة على عاتقهم، فان من الضروري الوقوف جنب الى جنب بعض للدفع بالحركة الشيوعية العمالية واقامة قطب شيوعي للرد على المشكلات والمعضلات التي تقف امام الثورة العمالية على صعيد المنطقة، وان يلعب دوراً، قطب ينظم النضال الاممي في العالم المعاصر. وعليه، على المؤتمر ان يلقي نظرة على صلاته مع تلك القوى وان يصيغ رابطة قوية وهادفة.
في الختام، اهنئ مؤتمركم مرة اخرى وامنياتي بالتوفيق في تحقيق مهام هذه المرحلة.
خسرو سايه
رئيس المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العمالي في كردستان
13 كانون الثاني 2022