الجزء الثاني
بروز العنصرية!
لقد تسبب انتشار كوفد-19 بروز نزعة عنصرية قوية ضد الصينين والاسيويين وخاصة في امريكا والدول الدائرة في فلكها. وهناك خوف من كل ذوي الملامح الاسيوية. ورغم ان منظمة الصحة العالمية تحدثت عن ان قيود السفر التي تستهدف الصين هي غير فعالة و سوف تاتي بنتائج سلبية، فان الكثير من الدول مثل امريكا، استراليا، كندا ودول اوربا فرضت مثل تلك القيود. ومن نظريات المؤامرة التي تنتشر في هذا السياق هي نظريات عنصرية كتلك التي تقول ان سبب انتشار كوفد -19 كان اكل الصينين للخفافيش الخ رغم عدم وجود اي دليل على هذا الادعاء. وهناك تهكم وتشفي واحتفال في الكثير من الاوساط اليمينية اعتقادا منها بان هذه الازمة سوف تدمر الاقتصاد الصيني.
ألنظام الرأسمالي عاجز عن التعامل مع كوفد-19!
الاقتصاديات والانظمة الصحية والبنى التحدية الرأسمالية غير قادرة على التعامل بشكل فعال مع هذه الازمة. من الناحية الاقتصادية، كما قلنا النظام غير مهيأ للاستجابة الى المشاكل التي تواجه الطبقة العاملة بسبب كوفد-19. ومثل هذا التاثير على المجتمع عموما سيتضاعف في حال دخول الاقتصاد العالمي في ازمة اقتصادية، وهو احتمال وارد في حال استمر خطر هذا الفيروس. ان الاقتصاد الرأسمالي يعتمد على الاستهلاك الهائل والنمو المركب لكي يستمر بشكل روتيني، الا ان خفض نسبة الفائدة لن يحث المتسوقين على التسوق في ظل وجود الوباء. رغم ان الهلع الذي خلق قد زاد الطلب على المواد الغذائية وبعض البضائع الاساسية الا ان هذا ليس كافيا لادامة الاقتصاد بشكله الروتيني.
من جهة اخرى، ان الجهاز الصحي ونظام المستشفيات العامة على مستوى العالم، بما فيه الدول المتقدمة مثل امريكا وبريطانيا واوربا واستراليا، غير مهيأ للتعامل مع وباء يؤدي الى زيادة هائلة ومفاجئة في الطلب على الخدمات الصحية، وخاصة ان القطاع الصحي في اغلب الدول تعرض الى استقطاعات كبيرة في ميزانيته بسبب السياسات النيوليبرالية وسياسة التقشف وخاصة بعد ازمة 2008. فالمستشفيات غير مستعدة للتعامل مع هذا السيناريو، وهناك قصور هائل في القدرات الكلية والكفاءة للتعامل مع الاوبئة والكوارث بسبب نقص في حجم الكادر الصحي وفي كمية الاجهزة والادوية الخ وفي التدريب اللازم في وقت ان مسالة تفشي وباء مثل كوفد-19 هي مسالة شبه حتمية.
لقد ادى تفشي كورونا الى نقص في المعونات الطبية الاساسية مثل الكفوف الطبية والكمامات في الكثير من الاماكن، وقد يؤدي الى نقص حاد في الادوية والعقاقير ومركبات دوائية اساسية مثل البراسيتامول بسبب توقف التصدير الى العالم من الدول المصنعة مثل الهند التي هي اكبر مورد للادوية او بسبب نقص المكونات الدوائية الاتية من الصين. فالهند والكثير من الدول الاخرى مثل اوربا وامريكا تعتمد على الصين لضمان المكونات الفعالة للادوية. ولاتوجد عدة الفحص في الكثير من الدول، وهناك نقص حتى في بعض الدول المتقدمة.
يجدر الاشارة الى ان نفاذ الكمامات مثلا وبلوغ اسعارها حدود خيالية في الكثير من انحاء العالم، ليس ناتجاً عن عدم القدرة على انتاج كميات كافية من الكمامات، بل ان منطق الربح الذي هو محرك الحياة تحت هذا النظام هو الذي يؤدي الى بروز هذه المشاكل.
وفي الحالات التي لاتوجد كمامات كافية لجميع السكان، لايتم توزيعها بشكل منطقي وراشد كان تذهب الى الاشخاص الاكثر عرضة للاصابة مثل العاملين في القطاع الصحي او في المواصلات الخ او الاكثر عرضة للاصابة الشديدة بالفايروس مثل كبار السن والاشخاص الذين يعانون من حالات صحية سابقة مثل الربو والامفيزيما والسكري والسرطان وامراض القلب، بل توزع حسب منطق السوق. اي ان الكمامات تذهب الى الذين بوسعهم دفع مبالغ اكبر، ويعتبر هذا الامر اكبر ادانة لالية السوق التي يتم تمجيدها في ظل النظام الرأسمالي. كما ان عدم اكتشاف علاج لحد الان من قبل شركات الادوية العملاقة يعود لسبب بسيط وهو منطق الربح.
رغم ان هذا ثالث وباء كورونا منذ بداية القرن الحادي والعشرين، لكن لم تبذل جهود تذكر لاكتشاف علاج او لقاح، لانه ليس للمستثمرين دافع لايجاد لقاح او علاج ضد فايروس لايعرف كم سيستمر وكم من الارباح ستجنى. ان انتاج لقاح او علاج ضد سلالة معينة سوف تهيء الارضية لانتاج لقاح وعلاج ضد السلالات الاخرى.
برز عجز الراسمالية للتحضير والاستجابة الفعالة في كل الازمات الاخيرة مثل كوفد-19 و حرائق امريكا واستراليا ووباء ايبولا و…الخ.
يثبت كورنا بان العالم غير امن في ظل الرأسمالية فهو نظام عاجز ومشلول الى حد كبير وتعمق هذه الازمات الحاجة الى تغير ثوري في المجتمع البشري. ان مستقبل البشرية يعتمد عى انهاء عمر الرأسمالية.