ربما لم يكن هناك اشياء مؤثرة على الرأي العام اكثر من الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وغيرها، ولم يكن هناك شيئا اكثر سعة وأكثر عالمية جعل العالم بمثابة منطقة صغيرة اكثر من الشبكات العنكبوتية ” انترنيت ” ، وهذا ما جعل الاهتمام العالمي حتى في ابعد القرى النائية من شرقها وغربها وشمالها وجنوبها بهذا الأخطبوط العالمي لانتشار واستقبال المعلومات وتبادلها.. وان هذه الفكرة يعرفها الجميع وأصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للناس. ولكن مدى تأثيرها على مسار الحياة والمعيشة ومدى توجه الناس يتلائم مع الأنظمة الفعلية الحاكمة او مدى تاثيرها على تحريض الناس بالضد من هذه الأنظمة هي المسألة الأصلية في النضال الطبقي في المجتمع.
لاشك ان النظام الرأسمالي العالمي اكثر تنظيما ومتشعبا أكثر ومختصا في استخدام الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ودراسة مدى تأثيرها على عقول الناس بان تنتهج مصالح الطبقة البرجوازية سبل تشويه الحقائق بما يتلائم مع مصالحها وحمايتها من الاحتجاجات وثورات الطبقات المحرومة من العمال والكادحين والفقراء.. ورأينا كيف تصبح هذه الشبكات والإعلام عندما تكون شعبية ومنتشرة عالميا ويجتمع حولها عمالقة المال والرأسمال والشركات العملاقة على الفور ويحاولون ضمها الى مؤسساتهم المالية. مثلا رأينا كيف اصبح فيسبوك بعد ان صار منتشرا انتشارا فضيعا في جميع أنحاء العالم و تجمعت حوله عمالقة المؤسسات المالية من اجل الاتفاقات او التحالفات معه وإعطاء البيانات والخصوصيات لكبرى الشركات من اجل الترويج لبضائعهم والوصول الى المستهلكين بسهولة وبطريقة مؤثرة. ليس هذا وحسب وانما نرى مدى تأثير هذه الشبكات لترويج ألافكار الرجعية و زرع التفرقة العنصرية والدينية والطائفية والقومية بين الناس ومدى جذب الناس الى الالتحاق بالمنظمات الإرهابية كما رأينا في التجربة السورية عندما بدأت الاحتجاجات الجماهيرية وحولت الى الحرب الأهلية ومن ثم الى بروز اكثر المنظمات الإرهابية والوحشية أمثال داعش وجبهة النصرة و اخوانها .. وتجنيد الناس من مختلف انحاء دول العالم لهذه المنظمات الإرهابية وكذلك رأينا كيف برزت المد اليميني والعنصري والشوفينية في أوروبا ودورها في شعبية الأحزاب اليمينية في البرلمانات واستلام الحكومات.. ورأينا تأثير شبكات التواصل الاجتماعي ودورها في احياء الأفكار والخرافات كانت عفا عليها الزمن وخاصة في قلب أوروبا الحضارية والمدنية.. انطلاقا من هذه الفكرة الطبقة البرجوازية والرأسمالية العالمية كيف استطاعت ان تستفيد من الشبكات العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعي لصالحها واستخدامها من اجل تراكم الرأسمال ، لذلك لابد من استخدام هذه الشبكات باتجاه معاكس أيضا أي لصالح الطبقة العاملة والفقراء والكادحين .. وهذا ما يجب ان نستخدمه بشكل منظم ومدروس كما تستخدمه الطبقة البرجوازية، ولكن في هذه الحالة لبيان الحقائق والمشاهدات برؤية طبقية معاكسة للطبقة البرجوازية.. ان تنظيم وسائل التأثير على الناس ضروري جدا بالنسبة للطبقة العاملة كما تفعل عدوتها من الطبقة البرجوازية، ان معركة في هذا الميدان هي احدى اهم المعارك في النضال الطبقي المعاصر لان نفس السلاح تستخدمه طبقة الرأسماليين ولهذا علينا ان نستخدم هذه الأسلحة بالضد منهم وعلينا ان نحاول التأثير على الناس وتوجيههم الى الاحتجاجات والتظاهرات الجماهيرية والدفاع عن حقوقهم ومحاولة تنظيمهم تنظيما جماهيريا عظيما من اجل قلب الأوضاع لصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة..ان بيان الحقائق بطريقة مباشرة والمشاهدات والوقائع بطريقة منظمة وموجهه ومحاولة جمع الناس لنشر الحقائق والدعاية للحقائق وتكذيب الادعاءات وحجج الرأسماليين والبرجوازيين وعملائهم المأجورين هي الخطوات الصحيحة لنشر الحقائق الطبقية في المجتمع. ان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و الشبكات الإعلامية مثل يوتيوب وغيرها لا تستفيد منها إذا لم تكن منظمة وغير اعتباطية وانما فقط عن طريق استخدامها بشكل منظم وموجه ومدروس يمكن الاستفادة منها .. وهذه الطريقة من الاستعمال تحتاج الى متخصصين ومحترفين في هذا المجال .. علما ان عالم اليوم اختلف عن الماضي بمئات المرات وأنه اكثر تنظيما وأكثر تخصصا في كيفية التأثير على الناس ، ان زمن النضال الطبقي ووسائله النضالية تغيرت كثيرا وخاصة في زمن تطور التكنولوجيا الرقمية ولهذا استخدام السلاح القديم لا يقدم أي جدوى في نضالنا الطبقي.. وانما علينا ان نتغير وفق ما وصلت اليه المعرفة البشرية وان نستخدم كما تستخدم الطبقة البرجوازية ولكن بطريقة اكثر ابداعا وأكثر تحكيما وأكثر تنظيما لان الطبقة البرجوازية على مقدرة ان تقلب كل الشيء لصالحها إذا لم نواجهها بدعم النضال الطبقي المنظم. ان الاشتراكيين والشيوعيين لا يمكن ان يسيروا وراء خطوات الطبقة البرجوازية وانما عليهم ابتكار وإيجاد طرق مختلفة من اجل الاستفادة من هذه الوسائل والشبكات الأخطبوطية. ان وجود جيش من المتخصصين والمحترفين في استعمال هذه الشبكات وتطويرها ودراسة كيفية التأثير بالدعاية والتحريض والتنظيم هي الكفيلة بالتغلب على سيطرة الرأسماليين على هذه الوسائل ومحاولة تقليل استفادة الطبقة البرجوازية منها. ان الأحزاب الشيوعية والاشتراكية والمنظمات العمالية بأمكانها ان تستفيد من كل هذه الوسائل بشكل جيد إذا تمكنت من استخدامها بشكل منظم ومحترف وبآفاق النضال الطبقي كما استخدم كارل ماركس وفريدريك أنجلس نفس المنتديات البرجوازية لصالح العمال وكذلك استخدم البلاشفة نفس الوسائل في التأثير التي استخدمتها البرجوازية ولكن بطريقة منظمة وموجهه للنضال الطبقي العمالي، واليوم نحتاج ان نستخدم نفس الوسائل التي تستخدمها البرجوازية مثل الارتنيت وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل منظم وموجه وبروح النضال الطبقي العمالي من اجل التأثير على الرأي العام العالمي بحقيقة وضرورة الشيوعية لانهاء النظام الرأسمالي الى الأبد.