شهيدة الشرف “مريم ماجد” ولكنهم باسم الشرف يقتلون النساء!
نادية محمود
نظمت مسيرة تشييع كبيرة من الرجال في قضاء السدير في الديوانية أثر مقتل الشابة مريم ماجد في يوم 24 نيسان بعد محاولة اغتصاب في سيارة تاكسي قام بها المجرم بإلقاء الشابة في النهر. وقد اطلق على الضحية” شهيدة الشرف” و”أيقونة الشرف” و ” شهيدة العفة والحجاب”.
بالتأكيد ان خروج تظاهرة من الرجال للتنديد بجريمة قتل امرأة أمرٌ يستدعي التأييد والترحيب. ولكن ما الذي اخرج الرجال في قضاء السدير عن بكرة أبيهم، لتشييع امرأة، مع انه وفقا للتقاليد والقوانين العشائرية المرأة لا تُشيّع؟ خاصة وإن جريمة مقتل مريم، هي واحدة من 12 جريمة قتل أو محاولة قتل جرت خلال الشهر الأخير- آذار- نيسان. ولم تنظم أية تظاهرة رجالية للدفاع عن النساء القتيلات، ولا تظاهرة نسائية ايضا.
فلأي شيء جرى تنظيم التشييع في السدير؟ هل جرى تنظيمها تنديدا بجريمة قتل امرأة؟ أم تمجيدا للشرف الذي اعتبرت مريم ماجد، إنها دافعت عنه؟
لنا ان نتساءل هنا، كم عدد النساء اللواتي قتلن على ايدي أفراد أسرهن لأنهن تعرضن لجريمة الاغتصاب؟ لأنهن لم يدافعن عن انفسهن بما فيه الكفاية( اي لحد القتل)؟ الامر الذي استدعى ان يقوم الرجال بأسرّهن باستكمال المهمة فيقوموا بأنهاء حياة النساء؟
تعرف الفتيات والنساء المغتصبات بأنهن في الأعم الأغلب سيقتلن إذا تم اغتصابهن. فهن ببساطة يعتبرن شريكات في الجريمة. احتاج الأمر إلى فتوى من رئيس المجلس الروحاني الأيزيدي ليمنع الأسر الأيزيدية من قتل بناتهن ونساءهن اللواتي اغتصبهن تنظيم داعش. اما عدد النساء المسلمات اللواتي قتلن من قبل اسرهن بسبب اعتقالهن واغتصابهن في السجون في المناطق الغربية ليس قليل. ان عقاب المرأة المغتصبة في العراق، في الأعم الأغلب، هو القتل! لأنها تعتبر قد جلبت العار للعائلة، وإنها لوثت ” الشرف الرفيع للأسرة”! كذلك سيكون القتل هو مصير كل فتاة او امرأة تتجرأ على القيام بأي شيء يعتبر ” مخلا بالشرف”، ولا نقصد هنا، ممارسة الجنس خارج اطار الزواج فحسب، بل أي تصرف يمكن أن يوصف بأنه مخل ” بالشرف”، كالحديث في تلفون، او ارتداء ملابس تعتبر غير مقبولة، والخ.
ان الذي اخرَجَ الرجال لمسيرة التشييع هو الدفاع وتمجيد قيم الشرف، وليس استنكارا على مقتل امرأة على ايدي مجرم مغتصب. باسم الشرف قتلت الالاف من النساء، للحد الذي أصبحت عبارة “لا شرف في جرائم قتل الشرف”، تتردد، حتى من قبل رئيس حكومة إقليم كردستان، على اثر مقتل الشابة الكردية زهراء ذات الواحد والعشرين عاما بستة رصاصات في اربيل في نفس الاسبوع.
12 جريمة قتل او محاولة قتل تمت في شهر واحد، رمي امرأة من الطابق الثامن، خنق اخرى، واطلاق رصاص على ثالثة…وهكذا.. لم تّهز هذه الجرائم لخروج تظاهرات من الرجال(وليس من النساء).
ان الذي تسكب عليه العبرات، ليس مقتل مريم، بل” تمجيد الشرف”! هذا ما يجري تمجيده والتباهي به، والافتخار به، والذي ينظر لمريم ماجد، انها جسدته ومثلته بمقاومتها التي أدت الى مقتلها.
القيم العشائرية لم ولن تدافع عن حياة النساء و لا عن حقوقهن، ولا حقهن في الأمان، ولم تسعى العشائر و بأية طريقة لحمايتهن من العنف. فالعنف يمارس بكل ألوانه على النساء من الريف للمدينة وبالعكس. في دولة لا تفتقر لقانون يحمي النساء فحسب، بل في دولة تقر قوانينها وبشكل منظم العنف ضد النساء. تقر بإعفاء المغتصب من جريمة اغتصابه بمكافئته على الزواج من ضحيته، بمكافئة ألخاطف بتزويجه من المختطفة. ففي افضل الاحوال ان لم تقتل المغتصبة، يجري تزويجها من المجرم الذي اغتصبها، والسبب هو ” حمايتها من وصمة العار التي ستلاحقها” وكأن الوصمة والعار، ليست قيما قابلة للفضح والتصدي وإزالتها من العقول والاذهان.
العنف ضد النساء جريمة. و العنف الجنسي والاغتصاب جريمة. وقتل النساء سواء من قبل افراد اسرتهن او من قبل غرباء هي جرائم عنف، سواء تضمنت انتهاكات جنسية او لم تتضمن، وأي كان شكل العنف. ان تشريع القوانين من اجل تجريم المعنفين، وحماية النساء من العنف، هو مطلبنا. ويجب ان تجري المطالبة بإيقاف العنف ضد النساء. مريم ماجد لم تكن ضحية الدفاع عن الشرف، بل كانت ضحية جرائم القتل التي لا رادع قانوني لها في دولة تسقط فيها كل يوم امرأة جديدة ضحية العنف الذي لا حدود له ضد النساء.