المقالاتعادل احمد

الأحزاب السياسية بين الأقوال والأعمال !

عادل احمد

ثمة مفهوم دارج يقول: ليس دائما كل ما يصرح به المرء عن نفسه صحيحا، وانما يجب ان ننظر الى الأعمال والمواقف لكي تظهر الحقائق. وهذا أيضا ينطبق على السياسة والأحزاب والحكومات كذلك.  فليس الشعارات والأقوال مهمة بقدر الاعمال والمواقف السياسية اليومية والوقوف بجانب الجماهير ومطالبها وكل ما يتعلق بالحياة والمعيشة..

إذا امعنا النظر الى الأحزاب السياسية كافة في العراق، ونقارن ما يقولونه وما يفعلون في الواقع، لرأينا الأهداف الحقيقية ما وراء الأقوال والشعارات والتلاعب بأحاسيس الجماهير من اجل تحقيق مصالحهم الطبقية . ان شعارات جميع الأحزاب الدينية الشيعية هي الدفاع عن المستضعفين والفقراء وان جميع الخطابات والأقوال هي تحريض الناس ان تستذكر موقعة الحسين ومقتله والظلم الذي تم بحقه ، ولكن في الواقع ان جميع هذه الخطابات هي من اجل السيطرة على العقول والمشاعر، لاضطهاد الجماهير عبر الكلمات والشعارات الطنانة. اثبتت أعمال الأحزاب الشيعية منذ سقوط حكومة البعث والى يومنا هذا، عكس ما يقولونه وعكس الشعارات وما يرفعونه من لافتات.. ان الظلم الذي أوقع بحق الجماهير المصنفة بالشيعية لا يوصف، وان الفقر والبطالة والجوع من جهة والسجن والاعتقالات والتعذيب والقتل والاغتيالات من جهة أخرى هي النصيب الأكبر للجماهير هذه. وان الاحتجاجات والتظاهرات تواجه بالقمع المسلح وان الناشطين وفعالي الاحتجاجات يواجهون الاغتيالات والاعتقالات والتهديد لا لشيء إلا مطالبة بالحقوق والعيش بكرامة وعدم قبول الأوضاع المأساوية ، وان انتفاضة أكتوبر هي اكبر دليل على عدم قبول هذه الأحزاب من قبل أكثرية الجماهير المحرومة، ولو كانوا على قدر من المسؤولية وبجانب المظلومين بما نسبته  واحد بالمئة  لكانوا قد استقالوا وتركوا المناصب وكراسي السلطة وعدم الاستمرار بتشديد المعاناة الفقراء والمستضعفين كما يدعون. وان جميع هذه الأحزاب والتيارات وحشودها الشعبية ومرجعيتها هي في الواقع موجودة من اجل استغلال الطبقة العاملة والجماهير الكادحة والمحرومة ولتراكم الأموال الهائلة، من الثروات والأموال لصالحهم ولصالح من يخدمونهم.. وان الجماهير المحرومة لا تقبض شيئا غير الكثير من المعاناة والمأساة. اذا ما يفعلونه في الواقع هو بالضبط عكس مصالح أكثرية المجتمع. ولهذا من الضروري ان نرى أعمالهم طوال ما يقارب العقدين من الزمن لكي يكون لدينا الصورة الحقيقية لأهداف والمقاصد الحقيقية لهذه الأحزاب وليس بكائهم على قتل الحسين قبل ١٤٠٠سنة لتحريك مشاعر الفقراء للظلم، لنرى الظلم اليوم وليس في التاريخ القديم…

وان الأحزاب القومية هي ليس بحال احسن من الأحزاب الشيعية في هذا المجال. وان التلاعب بالمشاعر القومية الوهمية و الاستنجاد بالقوم والأمة وتعظيمها في حالة حاكميتها كما فعل حزب البعث والان الأحزاب المغلفة بالتيار الإسلامي السني الشريك بالسلطة السياسية في العراق، او القوميين الأكراد كما يحركون مشاعر الظلم القومي والمسألة القومية … ان جميع هذه الأحزاب، كما تدعي وكما تقول في خطاباتها وشعاراتها بان من يعيش تحت ظل حكمهم، سوف يجد الفخر والعز والكرامة والعيش الكريم والرفاه… ولكن التجربة، وأعمال كل هذه الأحزاب القومية  الكوردية والعروبية تقول شيئا اخر نرى الفقر والجوع والبطالة، في قطب يمثل غالبية المجتمع المحروم والغارق بالمعاناة، ونرى قطب آخر غارق أيضا لكن بالثروات وامتلاك كل ما يقع بأيدهم ما بين السماء والأرض، ان اعمال كل هذه الأحزاب هي التعبير عن حقيقة مقاصدهم وأهدافهم ومصالحهم  وليس الأقوال والادعاءات والشعارات الفارغة . ان الاعمال اليومية والمواقف السياسية هي الأكثر تعبيرا عن جوهر سياسات الأحزاب هذه.

وهناك أحزاب أخرى تدعي بانها إصلاحية مثلي التيار الصدري، وان بعض تكتيكاتها أي مشاركتها في الاعتراضات بالضد من الحكومة او سحب وزراءهم في بعض الأحيان او التهديد بمقاطعة الانتخابات كما ورد في تصريح مقتدى الصدر قبل ثلاثة اشهر، لرأينا أعمال هذا التيار اليومية ومشاركة السلطة منذ اليوم الأول بما يسمى بالعملية السياسية بقوة ونالت الحصة الذهبية في نهب ثروات المجتمع،  ولديهم الوزارات والإدارات  المالية والكمركية اذا لم يكن اكثر من بقية الأحزاب المشاركة في السلطة فهي ليس أقل منهم. وعلى غرار كل هذا يدعي بانه يقوم بالإصلاحات في الحكومة. وان كل الادعاءات بالإصلاحات هي في الواقع إصلاحات من اجل المزيد من الحصة ومزيد من نهب الثروات لصالح هذا التيار وليس لصالح الجماهير الفقراء.  ان الحياة في منطقة الثورة (الصدر) والتي هي معقل هذا التيار تي في حالة لا يرثى لها وان الفقر والجوع والبطالة مستشري في أوسع اشكالها على الرغم من حصة هذا التيار في تقسيم المحاصصة كبيرة جدا. اذا كل ما يقوله هذا التيار عن الإصلاحات هي اكبر كذبة في السياسة لان ما يقوله عن الإصلاحات مع ما يفعله من الإصلاحات حتى في عقر داره تبين الحقيقة والواقع الحال لأهداف إصلاحاتهم والتي هي في الواقع إصلاح الحصة من النهب ومن السرقة ومن تراكم أمواله عن طريق مشاركة اكثر في السلطة السياسية.

واليوم نحن على اعتاب الانتخابات البرلمانية في العراق بعد أسبوع تقريبا ، علينا ان نميز كل هذه الأحزاب مع ما يقولون ومع ما يفعلون في الواقع وان نجمعهم جميعا بأحزاب الطائفية الشيعية والسنية  وأحزابها القومية بشطريها العروبية والكوردية في السلة الواحدة وهي سلة امتصاص دماء الجماهير المحرومة  وان عمليتهم السياسية هي بالضد من مصالح جميع العمال والكادحين والمعدومين في المجتمع. وان نرفض ليس فقط انتخاباتهم ومقاطعة انتخاباتهم  وانما كل العملية السياسية لديهم وان نرتكز على ارادتنا وقوتنا ووحدتنا في كنس جميع هذه الأحزاب كنسا بحيث لم يبقي شيئا منها من أثر، وان نبني على أنقاضها سلطة تكون اكثر تعبيرً بالقول وفعلا عن مصالحنا ومصالح أكثرية المجتمع وان هذا يتحقق فقط بإرادتنا المستقلة والموحدة وان لا نسقط في فخ الشعارات والخطابات الفارغة لهذه الأحزاب أحزاب الطبقة الغنية.  علينا ان نقرن دائما الأقوال بالأفعال في جميع ميادين الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى