المقابلاتوسام شاكر

الحزب الشيوعي العمالي العراقي أمام التحديات السياسية والفكرية المختلفة

 وسام شاكر

الجزء الثاني والأخير:

أجوبة عن بعض الاسئلة التي وجهتها الهيئة الاعلامية للحزب في ندوة على الانترنيت شارك فيها عدد من الرفاق في الحزب بمناسبة الذكرى 28 لتأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي تموز 2021 ، الاجوبة الحالية تمثل وجهة نظري الشخصية في القضايا المطروحة .

6- لقد فشلت الشيوعية في بلدان المنشأ كما يقولون ( روسيا ، الصين ، اوروبا الشرقية ، ) فلماذا تريدون اعادة نفس التجربة في العراق ؟؟

هذا سؤال اشكالي الاجابة عليه تحتاج الى بحث اكثر منه جواب مختصر .. ان تلك التجارب لم تكتمل كتجارب اشتراكية او شيوعية بالمعنى الذي قصده ماركس وانجلز في البيان الشيوعي او التجربة التي ابتدأها لينين والبلاشفة  1917 – 1924 فقد تحولت في روسيا الى نظام رأسمالية دولة تقودها شريحة بيروقراطية متبرجزة  ضمن سيرورة تاريخية استغرقت 7 عقود من الزمن وبدأت بشكل واضح اعتبارا من عام 1980 في خلق ازمة اقتصادية اجتماعية مخطط لها وبتأثيرات خارجية استغرق التحول نحو الرأسمالية واقتصاد السوق عشر سنوات ضمن عمل منظم ومخطط من قبل الطبقة الحاكمة البيروقراطية المعادية للاشتراكية وبقيادة من سموا       ( بعملاء النفوذ ) وبتخطيط وتوجيه من الخارج حتى عام 1991  حين تم حل الاتحاد السوفييتي وخصخصة المشاريع والصناعات وبيعها خردة للمافيات والرأسماليين  المحليين والاجانب وهنك تفاصيل كثيرة يمكن التحدث عنها في بحث اخر . هذا على الرغم من ان تجربة ثورة اكتوبر خاصة بدأت كتجربة طليعية قامت بالدور الفاعل فيها الطبقة العاملة والجماهير الكادحة بقيادة الحزب البلشفي وحققت انجازات عظيمة وكبيرة من الناحية العملية والتاريخية…

الاشتراكية التي تعني توزيع عادل للنتاج الاجتماعي والغاء الطبقات والفوارق الطبقية والغاء العمل الماجور وراس المال في مرحلة متقدمة وتحقيق الرفاه الاجتماعي لم تفشل ابدا ، ستظل مطلوبة وراهنة وقائمة وتتمثل في حركة الطبقة العاملة وفي احتجاجاتها المتواصلة عالميا وفي جميع القارات ضد جميع شرور ومآسي  الرأسمالية . ان انتهاء او فشل الفكر الاشتراكي الماركسي و الوعي الطبقي يظل مستحيلا نظرا لوجود صراع طبقي صريح وعظيم ليس في قلب اوروبا فحسب بل في الصين  واسيا  واميركا اللاتينية وفي كل مكان في العالم .

وفي الحقيقة لقد دخلت الافكار الاشتراكية والشيوعية في رهان جديد .. وهو ان افكار المساواة والحرية والعدالة والغاء الطبقات وتحرير الأنسان من الاستغلال ومن هيمنة الخرافات والأفكار الرجعية التي نسعى الى تحقيقها في نضالنا  ،اصبحت اكثر اهمية وضرورة مع اتساع رقعة الصراعات والحروب الإمبريالية التي تقودها امريكا او وكلائها في المرحلة الجديدة مرحلة العولمة والليبرالية الجديدة  وتنامي الفوارق بين البلدان الغنية والفقيرة واحتدام الصراعات الدينية والقومية والطائفية وانبعاث اشد الأفكار رجعية وظلامية وهيمنة الخرافات والجهل على قطاعات واسعة من البشرية وبذلك تعمقت حدة التمايز الطبقي والاجتماعي بين أغنياء وفقراء العالم واتسع نطاق الظلم الاجتماعي واضطهاد النساء والشباب .

 ان الماركسية والشيوعية كحركة اجتماعية وتعبير سياسي عن مصالح العمال والمضطهدين والكادحين والتحرريين والشباب والنساء ، هي الان بصدد استعادة موقعها الحقيقي مرة اخرى في المجتمع . .وهي  تتطور اليوم وتتخذ أشكالا سياسية وتنظيمية جديدة في معظم بلدان العالم ، نحن نسعى الى بناء تجربة اشتراكية وفقا لسيرورة الصراع الطبقي محليا وعالميا قائمة على الحرية والمساواة والغاء التمايز الطبقي مختلفة عن التجارب السابقة ومتجاوزة لها وفق منظور ثوري ينسجم مع متطلبات الاوضاع في القرن الحادي والعشرين  .

7- اسمكم الحزب الشيوعي العمالي ، ولكن على ارض الواقع اين هي قواعدكم العمالية ..؟

نحن في اوضاع اجتماعية معقدة وشاذة وبالتأكيد هناك صعوبات بالغة في تنظيم العمال بسبب الاوضاع السياسية والادلجة الطائفية والعسكرة ونفوذ المليشيات  لكن هذه الاوضاع لن تستمر الى ما لا نهاية . ان تنظيم العمال والعاطلين في جانب منه مرهون  بتعاظم الوعي الطبقي  والمتغيرات التي ستحصل في الاوضاع السياسية في مراحل قريبة قادمة . ان تنظيم الطبقة العاملة يعتمد بشكل كبير لا على ارادة حزبها السياسي فحسب بل على حركتها السياسية والوعي بدورها التاريخي ومصالحها في حقبة تاريخية معينة  واليوم فان الطبقة العاملة وجيش العاطلين بحاجة الى دخول المعترك السياسي من اجل معرفة طبيعة القوى السياسية والحزب الذي يمثلهم وكل هذا امام تحديات ضخمة في العراق بسبب الاوضاع المعقدة والشاذة ، المحاصصة الطائفية والقومية ، الصراع السياسي ، المليشيات ، الفساد،  فقدان الامن والاستقرار …الخ

8- كل المعامل والمصانع متوقفة عن العمل في العراق ؟ فاين هي الطبقة العاملة التي تريدون الارتكاز عليها في حركتكم ؟؟

في ظل تعطيل المشاريع الصناعية والانتاج المحلي فان العراق اليوم هو بلد هش ذو تركيب هلامي متقهقر الى مراحل البرجوازية الصغيرة اللاهثة وراء المضاربات التجارية غير المنتجة وسيادة العلاقات البطريركية والعشائرية الرجعية وفي ظل جهاز دولة بيروقراطي ضخم غير منتج من الموظفين الفاسدين والعسكريين والمليشيات . في مثل هذه الاوضاع تتراجع اعداد البروليتاريا الصناعية وتزداد نسب البطالة بشكل متزايد سنة بعد اخرى  مما يتطلب توسيع المطالب الاجتماعية والعمالية بتشغيل المصانع المتوقفة ومحاربة الفساد المستشري في المنشآت والمصانع غير المتوقفة عن العمل .

ان وجود وسائل انتاج ومصانع امر تمليه الضرورة التاريخية للتطور الاجتماعي فبدون قاعدة مادية صناعية لن تكون هناك طبقة عاملة (بروليتاريا )  ولن يتقدم المجتمع الى الامام في سلم التطور ابدا ، لن تتغير العلاقات الاجتماعية والتقاليد السائدة العشائرية البطريركية الدينية المرتبطة بثقافة واخلاق القرون الوسطى المنحطة ، ولن يسود التمدن والتحرر ولن يتطور التعليم والصحة ، كل هذه المظاهر تحتاج الى قاعدة مادية  صناعية انتاجية تقف عليها وتتولد منها. ومع ذلك هناك طبقة عاملة كبيرة في العراق في  قطاع النفط والخدمات والصناعات الغذائية والطبية والسكك الحديد  والسمنت  والزراعة وغيرها يعول عليها حزبنا في لعب دور سياسي فاعل .

لكن الطبقة الحاكمة البرجوازية الطفيلية الفاسدة والتابعة تمارس سرقة الريع النفطي والمضاربات  وتراكم الاموال بطرق غير مشروعة سريعة ومتعددة وهي المرتبطة من خناقها بالرأسمالية العالمية وفي ظل سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تفرض التقشف ورفع الدعم عن المنتج الصناعي المحلي ورفع ايدي الدولة عن دعم الحاجات الاستهلاكية بل التخلي عن اية مسؤولية تجاه المجتمع . هذه الطبقة البرجوازية الطفيلية ومؤسساتها تسرق وتبتز وتضارب وتمتص دماء المجتمع بشكل وحشي وحتى النخاع … ليست معنية بتشغيل المصانع والمعامل المتوقفة  او دعم الانتاج الصناعي المحلي كما اشرنا تحت ضغط القوى العالمية والاقليمية بل هي من يساهم في تحطيم وافشال الصناعة الوطنية . لكنها وكما هي اليوم ستكون تحت ضغط الازمة الدائمة وستستمر الاحتجاجات الشعبية كما حدث في انتفاضة تشرين ، لا يمكن لهذا الوضع المأزوم ان يستمر  وكل شيء مرهون  بحركة الجماهير واحتجاجاتها وقدرتها على النهوض من اجل تغيير الواقع الراهن .

 نحن نركز على قطاعات اجتماعية واسعة : القسم الطليعي من الطبقة العمالية ، العاطلين عن العمل الشرائح الشعبية المحرومة والمهمشة وكل العناصر التحررية والثورية في المجتمع فهؤلاء هم القوى المادية للتغيير الاجتماعي وادواته الثورية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى