المقالاتسمير عادل

الظلم القومي على الفلسطينيين ما بين محور الإسلام السياسي والقطب الاشتراكي

سمير عادل

الجزء الاول

ما إن انتهينا من إعداد هذا المقال الذي كان موضوع ندوة أيضا مع صف من الاشتراكيين، حتى سكتت حرب دولة اسرائيل عن قطاع غزة، وتضع الحرب فصلا اخر من فصولها الدموية بحق الشعب الفلسطيني، لتنتظر فصول جديدة. وطالما يستمر الظلم القومي السافر لدولة إسرائيل الفاشية.

من سخرية المفارقة التي نعيشها اليوم، عندما نشاهد ونسمع ونقرأ أن محور شارك في ذبح الشباب في انتفاضة أكتوبر في العراق، وقام بسرقة المليارات من الدولارات عبر مزاد أسواق العملة في البنك المركزي ونهب المصافي والوزارات والموانئ والمنافذ الحدودية، وحول الساحة السياسية العراقية جنبا الى جنب مع عملاء القوى الاقليمية الاخرى الى ساحة للاستخبارات الايرانية وعصاباتها الممولة من عرق ودماء وثروات العمال وكادحي العراق، ومارس سياسة التطهير الطائفي والتغيير الديموغرافي في المناطق الغربية تحت يافطة الحرب على داعش، وهي تضاهي إذا لم نقل الأعلى من سياسة الاستيطان والفاشية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وشارك كل جرائم الاحتلال الامريكي وإضفاء الشرعية عليها، وتلك المرة كانت تحت عنوان محاربة دكتاتورية نظام صدام حسين، والذي يرفع اليوم لواء المقاومة وطرد القوات الاجنبية من العراق والتباكي على سيادته،  نقول هذا المحور؛ محور الفساد والظلم الطائفي، محور المليشيات والعصابات والقتلة، محور الاجرام بحق جماهير العراق، محور تهريب النفط والحشيش، محور الاغتيالات والاختطاف والتصفيات الجسدية بحق شباب اكتوبر، هذا المحور هو الذي دخل الى سوق المزايدة على القضية الفلسطينية، بعد أن كان محورا طائفيا وهويته طائفية على الاقل في العراق، فظن انه وجد ضالته، او القشة التي تنقذه من سقوطه بشكل نهائي في الهاوية السياسية بعد لكمات انتفاضة اكتوبر، ليغيّر هويته التالفة الى محور المقاومة والممانعة. والمثير في هذا العنوان أن ما انضم الى هذا المحور، فعرف بالفساد والإجرام. ان دخول هذا المحور على خط القضية الفلسطينية يضع علامة استفهام على عدالتها وتسيء الى سمعتها مهما تشدق بمواقف وامتدح موقف هذا المحور من المخضرمين القوميين العرب و ما تبقى من اطلالهم، الذين كانوا ابدا طبالين لأنظمة مستبدة مثل صدام حسين وبشار الاسد واليوم يطبلون للعصابات الطائفية في العراق.

*****

لنذهب الى جانب اخر من المشهد السياسي، او المشهد الدراماتيكي الذي خلقته دولة اسرائيل الفاشية، دولة الابارتيد العنصري بامتياز، دولة أنستنا الجرائم العنصرية في جنوب افريقيا وما حدث للهنود الحمر في أمريكا الشمالية، دولة أسست على أساس الدين والقومية وهي الدولة التي تكاد تكون وحيدة في العالم الى جانب باكستان قد أسست على أساس الدين، تلك الدولة وهي اسرائيل التي مزجت بين الدين والقومية ليكن خليط لا يوجد له نظير في التاريخ الحديث للعالم، اي إسرائيل دولة يهودية- قومية في نفس الوقت. هذه الخلطة الجهنمية بين الدين والقومية بحيث لا يمكن فصم عراها ومدعومة بأعلام ليس محليا فحسب، بل بإعلام عالمي وبماكنة عسكرية فائقة التطور هو أحد عوامل التضليل داخل اسرائيل والتعتيم عن جرائمها العنصرية بحق هذا الجزء الذي يحمل ٢٠٪ من سكانها جنسيتها، ويشل عدم قدرة اليسار العمالي والاشتراكي كي يرفع صوته بوجه دولة اسرائيل  ويناضل من أجل دولة غير دينية وغير قومية في إسرائيل.  تلك الدولة التي تتوسع كل يوم على اساس الظلم القومي تجاه الفلسطينيين، عن طريق قضم الاراضي ومصادرتها وطرد العوائل الفلسطينية من بيوتها، على اساس العمالة الرخيصة التي يضطر العامل الفلسطيني القبول بها على مضض من أجل بقائه على قيد الحياة و إطعام اسرته، دولة تتوسع عبر عسكرتارية سافرة وبلطجة وقحة مدعومة من الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية. هذه الدولة تسوق لنا على أنها واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط، وهي حجة أمريكا والغرب في دعمهما اللا مشروط. فها هي تقتل كل ساعة عشرات المدنيين في غزة وتقمع بشكل سافر احتجاجات سلمية لسكان يحمل جنسيتها، وتمنع المظاهرات المؤيدة لشعب لم يطلب اكثر من انهاء الظلم القومي عليه، في فرنسا وألمانيا على سبيل المثال، وليس عند هذا الحد بل تجاهر تلك الدول بشكل علني بحق اسرائيل بالدفاع عن نفسها، بينما تدين صواريخ حماس التي تطلق بنفس منهجية دولة اسرائيل على المدنيين والتي نعرج عليه في هذا المقال.

ان واحة الديمقراطية التي هي اسرائيل في نظر هذه الانظمة السياسية الغربية، تعامل جزء من سكان هذه الدولة الذي يشكل ٢٠٪ من سكان اسرائيل، كما كانت تعامل دولة جنوب افريقيا المواطنين السود، وهذا ايضا يكشف عن سر العلاقة التي كانت تربط بين اسرائيل وجنوب افريقيا في زمن الابارتايد في الوقت الذي كانت غالبية دول العالم تقاطعها دبلوماسيا.

في واحة الديمقراطية في منطقتنا التي تسمى بإسرائيل، أي فرد يريد السكن في منطقة الاغلبية فيها من (اليهود) فعليه استحصال موافقة جميع سكان الحي، أي حق السكن لأي فرد المكفول في قوانين العهدين الدوليين للأمم المتحدة تضرب بعرض الحائط، كما أن كلما تزداد نسبة التحصيل العلمي في الجامعات والأكاديميات في صفوف الشباب المصنفين بالعرب في اسرائيل  يزداد فقرهم، فلا مجال لفرص العمل، وليس هذا فحسب بل لا تجد اي (عربي) في مناصب ومراكز عليا بدءا من مدير وصعودا في السلم الحكومي والدولة، وسياسة التهميش والاهمال الحكومي من قبل دولة اسرائيل ممنهجة ضد هذا الجزء من السكان، حيث تمنع الاستثمارات في مناطقها بينما توظف المليارات لبناء المستوطنات وتوسيعها، ولا تقف هذه السياسة عند الحدود المذكورة بل تتعداها لتصل وعن طريق مؤسساتها الامنية السرية تسريب الاسلحة الى داخل التجمعات السكانية العرب لرفع مستوى الجريمة في صفوفها. وعلى ضفتي هذا التعامل نجد قيام مؤتمرات لمناقشة نسبة الولادات في صفوف العرب، وكيفية او دراسة الآليات لوأدها، ووجدنا كيف تحمي الشرطة الإسرائيلية هجوم العنصريين الإسرائيليين من المستوطنين على المواطنين العرب وبدعم سياسي وإعلامي مباشر من قبل حكومة نتنياهو خلال عمليات بلطجة اسرائيل. هذه هي واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط التي لم ولن يراها السادة المحترمون في البيت الأبيض وقصر اليزيه وداوينغ ستريت…الخ، ويجدر بالذكر هي نفس الواحة التي يسعى محور المقاومة والممانعة في تأسيسها في العراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى