المقالاتعواد أحمد

حول قضية التطبيع مع الدولة الاسرائيلية العنصرية

عواد احمد

 أعاد ما يسمى ( مؤتمر السلام والاسترداد) الذي عقد في اربيل يوم ٢٤ ايلول المنصرم الى الواجهة موضوعة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي العنصري حيث حاول المؤتمرون استدراج الحكومة العراقية في بغداد لتطبيع العلاقات مع اسرائيل كما فعلت بعض الدول العربية الخليجية والسودان قبل عدة اشهر.

ومن الضروري توضيح ماهية ذلك التطبيع والاسباب التي تقف وراءه والموقف الماركسي منه من الوجهة المبدئية والسياسية.

 ان الانظمة الحاكمة العربية التي اقامت علاقات او اتفاقيات سلام مع اسرائيل تسير وراء مصالحها الطبقية والسياسية بموجب التغيرات والتحولات التي حدثت في المنطقة منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي وخاصة بعد احتلال العراق عام 2003 ولاحقا  بعد ما سمي بالربيع العربي عام 2011 والحرب في سوريا وليبيا واليمن ولم تعد تلك الانظمة  تهتم بموضوعة الصراع العربي الاسرائيلي او حقوق الشعب الفلسطيني لأنها تتبع وتخضع للسياسات والهيمنة الامبريالية واملاءاتها..

وفي هذا الصدد يمكن قياس الموقف السياسي من التطبيع من زاويتين اولهما من وجهة نظر حقوق الانسان ومساواة البشر في الحقوق بوجه عام وحقوق الشعب الفلسطيني بوجه خاص في التخلص من النير والاضطهاد القومي والاحتلال وثانيهما من وجهة نظر اليسار والاشتراكية والصراع الطبقي في المنطقة العربية . ومن الزاوية الاولى اي قضية حقوق الانسان ومساواة البشر في الحقوق السياسية والديمقراطية فان الانظمة العربية  التي اقامت علاقات مع اسرائيل انما تنكرت لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال ونيل حقوقه المشروعة في اقامة دولة مستقلة بهذا المعنى منحت الشرعية والموافقة للموقف الاسرائيلي الذي ظل يرفض ويعارض حل الدولتين منذ حرب حزيران عام 1967 ثم حتى بعد اتفاقيات اوسلوا التي منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا شكليا بلا صلاحيات فعلية في هذا المعنى تصطف تلك الانظمة الرجعية والاستبدادية في خندق واحد مع دولة نازية عنصرية هي دولة اسرائيل التي مارست التطهير العرقي واغتصاب الاراضي واقامت دولتها  باسم حقوق تاريخية مزعومة مبنية على الخرافات الدينية.

ان سياسات التطبيع التي نقذتها بعض الانظمة البرجوازية العربية مع اسرائيل تضفي الشرعية على وجود الدولة الصهيونية وعلى السياسات الفاشية والعنصرية والحروب العدوانية التي مارسها بحق جماهير فلسطين منذ قيامها عام ١٩٤٨ وحتى يومنا هذا.  اضافة الى ذلك انها تعني الكف او التغاضي عن ادانة وفضح اسرائيل بوصفها دولة تمييز وعنصرية واغتصاب وقتل وتطهير عرقي. وهي قائمة على التطرف الديني واعتبار ارض فلسطين حق الهي منح لليهود وحدهم وضرورة طرد كل من هو غير يهودي من ارض  فلسطين .

وفي هذا السياق نحن لا نستغرب ولا نتعجب من اي تطبيع رسمي عربي مع دولة اسرائيل فاليوم كل الانظمة البرجوازية العربية التي طبعت علاقاتها والتي لم تطبع اصبحت مندمجة في السوق الرأسمالي العالمي وهي تماثل  الدولة الفاشية العنصرية الاسرائيلية من الناحية السياسية العملية .

ان الموقف اليساري  التحرري والمبدئي لا يبنى على اساس المقارنة مع مواقف السلطة الفلسطينية او حماس او الانظمة العربية او كل من يقيم علاقات مع اسرائيل او يخضع للسياسة الامبريالية  بل هو موقف ثابت لإدانة  كل مواقف وسياسات القوى الرجعية والفاشية في المنطقة العربية دون استثناء.

الماركسيون هم دعاة حق تقرير المصير دون قيد او شرط  هم دعاة وانصار الثورة الاشتراكية التي وحدها ستحقق حرية الانسان من الاضطهاد القومي والطبقي وهم دعاة ممارسة اشد اشكال الضغط السياسي على اسرائيل من اجل اقرار حق شعب فلسطين بدولة مستقلة متساوية الحقوق وقابلة للحياة .

ان ادانة التطبيع مع دولة اسرائيل يعني ادانة كل من يضفي الشرعية على وجود دولة استيطانية عنصرية ونازية قائمة على الحرب والقتل واغتصاب الاراضي والتطهير العرقي والتمييز وهضم حقوق شعب مشرد ومغتصب .

طرحنا لحل قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يقوم على تبني حل الدولتين في الوقت الراهن وبالأخص قيام دولة فلسطينية مستقلة على اراضي عام ١٩٦٧ ديمقراطية وعلمانية قابلة للحياة وعودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم الاصلية. لحين توفر ظروف دولية واقليمية مناسبة وتغير موازين القوى لصالح القوى الاشتراكية والتقدمية عالميا كل ذلك سيمهد السبيل لتفكيك الدولة العنصرية الاسرائيلية وقيام دولة فلسطينية واحدة غير قومية و غير دينية اشتراكية وعلمانية على كامل ارض فلسطين تضم العرب واليهود وسائر المكونات القومية وفق مفهوم المواطنة وبحقوق متساوية للجميع.

10 تشرين اول 2021

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى