منصور حكمت

مرة أخرى حول المجالس

لقد طرحت في النص السابق )حول المسائل المهمة في موضوع المجالس والنقابات( ومن ثم في إجتماعات هيئة التحرير
المركزية،الخطوط العامة للدالئل المتعلقة بترجيح فكرة المجلس والتجمع العام
)مقارنة بالحركة النقابية(. وكانت واحدة من ً
نقاط الضعف في الموضوع المثارة من قبل الرفاق،هي أن فكرة المجلس والتجمع العام، بالمقارنة مع فكرة اإلتحادات
العمالية التي لها مفهوم معروف وتم إختبارها و تجربتها، خصوصاً من منظار نشاطها وفعاليتها على الصعيد العام، هي
فكرة غير محددة وغير مركزة.”فالتجمع العام اليمكنه أن يكون أكثر من شكل تنظيمي جماهيري محلي”. وتقرر، إستمراراً
لبحثنا، أن يقوم مؤيدوا فكرة المجالس بطرح االفق العام والبعيد المدى لها. فكيف يمكن بلورة حركة مجالسية، تستند على
فكرة التجمعات العامة، على الصعيد العام وعلى صعيد البلد بأكمله، والى أي حد يمكن لهذه الفكرة أن تتجسد مادياً؟
هذا النص يحتوي على الخطوط األساسية لردنا على هذا السؤال. وفي البداية سنطرح تصورنا ورؤيتنا عن التنظيم العام
للحركة المجالسية التي نقصدها، وكذلك سنبحث العالقة بين هذا التصور المجرد والوقائع الملموسة في الحركة العمالية في
ايران.
المجالس بوصفها بديالً في التنظيم العمالي على صعيد البلد:
١ في إختالفه عن االتحادات العمالية القائمة على أساس التنظيم الصنفي يستند التنظيم العام للمجالس على اإلرتباط
واإلتحاد العملي لمجالس المعامل والمصانع في جغرافية إقتصادية وإدارية معينة. فمجالس الشرق ومجالس كيالن*هي
نماذج لهذا النوع من التنظيم المجالسي المتعدد المعامل. وهذا يعني أن الوحدة األساسية في الحركة المجالسية هي المجلس
المكتمل النصاب نفسه. وبعبارة أخرى فإن التنظيم العام للمجالس، هو في خاتمة المطاف ليس سوى هرم تنظيمي يتشكل
من المجالس. وفيما يتعلق بكيفية إيجاد هذا الهرم التنظيمي وخصائصه يمكن التحرر من التصورات الجامدة الدوغمائية.
فالمسألة األساسية هي اإلدراك بأن وجود هذه الوحدة المجالسية كظاهرة معتبرة أمر معروف، وحينذاك، فإن إيجاد تنظيم
مجالسي على صعيد البلد بإمكانه تمثيل كافة العمال، هو ليس أمراً غيرممكن. وسيحدد المسار العملي للنضال العمالي،
والخصائص اإلقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع وعوامل أخرى مختلفة، الخصائص العملية للهرم المجالسي، وكيفية
إرتباط كل مجلس بمجمل التنظيم العام، وموازين ومعايير هذا االتحاد على الصعيد العام وغيرها من األمور. إن مانطرحه
هنا هو نموذج تجريدي، ولكنه من الجانب الموضوعي، قابل التشكيل والوجود لتنظيم المجالس على الصعيد العام في البلد.
٢ إن المجلس األساسي هو نفس التجمع العام المنظم. وهذه الفكرة معروفة لحزبنا وهي ليست بحاجة للتوضيح. ولكن ثمة
مجموعة من النقاط التي يمكن إضافتها إليضاح هذا الطرح:
آ: من المعروف أن النسب الكمية )عدد أعضاء الوحدة التي بإمكانها تشكيل مجلس معين وغير ذلك( تتبع عوامل طبيعية
وسياسية مختلفة. فالمصنع الذي يتواجد فيه )٠٠٠,٢٠ )شخص اليمكن أن يكون له مجلس أساسي واحد )تجمع عام
واحد(. وبشكل واقعي فإن نفس هذا المصنع اليوازي من الناحية السياسية معمالً يتألف من خمسين عامالً. وهذا لن يوجد
أية صعوبات في الطرح المجالسي. ففي الوقت الذي يمكن فيه أن يكون للمصنع المشار اليه مجلس واحد، بإمكان هذا
المجلس أن يكون مجلس يمثل التجمعات العامة لألقسام المختلفة في المصنع. وبإمكان هذا المجلس أن يرسل ٤٠ ضعفاً من
المندوبين الى الهيئات العليا
مقارنة بالمعمل الذي يكون تعداد عماله ٥٠ عامالً. فموضوع المجلس القائم على التجمع العام ً
اليواجه أية صعوبات في حل هذه المسألة.
ب: التجمع العام المنظم اليعني تجمعاً عاماً دائم الوجود. فالتجمع العام هو المجلس وهو مصدر قوته وأقتداره. إالّ أن
التنظيم اإلداري للمجلس يتشكل من األشخاص الذين ينتخبهم التجمع العام. وفي الطرح االولي لنا، فإن كافة األشخاص
المنتخبين يشكلون اللجنة التنفيذية للمجلس والتي تبت وتقرر بصدد مختلف األمور المتعلقة بالمجلس في الفترة الفاصلة
بين إجتماعين، وتدير إجتماعات المجلس وتقدم تقاريرها الى التجمع العام. وبناءاً على هذا فإن المجلس األساسي هو تنظيميمكن أن تنظم فيه القرارات وصياغتها وعملية تنفيذها مثل أي تنظيم آخر بشكل مترابط ومستمر. فاللجنة التنفيذية لمجلس
معمل ما هي المعادل اإلداري لهيئات اإلتحادات في المعمل.
ج: إن الخاصية األساسية للمجلس األساسي، هي ممارسة الديمقراطية المباشرة. فأحد اإلختالفات األساسية بين الحركة
المجالسية وبين الحركة النقابية هو وجود هذه الديمقراطية المباشرة في المستويات المختلفة والتي ستكون الضمان
األساسي الواقي من االنحرافات البيروقراطية التي تصاب بها اإلتحادات.
٣ وفي المستوى األعلى من المصانع، سيكون لدينا مجلس ممثلي المجالس )عملياً يمكن أن يسمى هذا مركز مجالس
المنطقة الفالنية أو أي إسم آخر، فالبحث يدور حول المضمون الواقعي لهذا المجلس األرقى(. ونفس هذا المجلس يشكل
تجمعاً عاماً مكوناً من ممثلي المجالس األساسية، وبنفس خواص التجمع العام األساسي. وينتخب هذا المجلس أيضاً لجنته
التنفيذية وهيئاته اإلدارية “الدائمة” )مقارنة بالتجمعات العامة التي لديها جلسات محددة في أوقات محددة(.
وتشكل القرارات المصادق عليها من قبل مجلس أعلى، ق ٍ رارات واجبة التنفيذ من قبل المجلس األدنى. وفي الواقع فإن إيجاد
المجلس األعلى، سيؤدي الى إنتقال ممثلية العمال إليهم في بعض المسائل وتحذف من دائرة صالحيات وخيارات المجلس
وإالّ فإن كافة قوانين النضال والصراع بين القوى الواقعية ستلعب دورها في األساسي )هذا بالطبع في الحاالت المثالية،
الظروف الواقعية( ولذلك فإن تعريف وتحديد صالحيات كل مجلس، وعلى األقل بشكل مكتوب على الورق، سيوضح حدود
عمل وقرارات كل مجلس.
إن ممثلي المجلس األعلى يتم إنتخابهم من التجمع العام للمجلس األدنى ويتم دعوتهم وإستبدالهم من قبل نفس المرجع.
والمجلس األعلى ينتخب بدوره ممثلين للمجلس األعلى. وإن حق العزل والتنصيب لمجلس أدنى تكون ممكنة فقط في حلقة
واحدة )أي لو أن ممثل المصنع A في مجلس المنطقة B تم إختياره ليمثل المنطقة B في مجلس مدينة C عند ذاك ليس
من حق المصنع A دعوة ذلك المندوب بل إن هذا هومن حقوق المجلس B . )وينبغي أن يغيرالمجلس المحلي ممثليه
السابقين بإنتخاب ممثلين الى مرحلتين أعلى. ففي حالة عزل هؤالء الممثلين، فإنهم يعودون مباشرة الى أدنى مجلس كان
قد إنتخبهم )وفي مرحلة أدنى كما جرى في المثال السابق فإن الشخص الذي إنتدبه المجلس B الى مجلسC وتم تغيير في
المجلسB من قبل المجلسA فإنه بعزله من المجلسB يعود الى التجمع العام A.)
٤ ينبغي توسيع سلسلة مراجع هذه المجالس ومجالس المندوبين متى إستلزم االمر ذلك. فمن الممكن أن يجتمع في البداية
مجموعة من ممثلي مجالس عدد من المعامل الصغيرة ليختاروا مندوباً واحداً يرسلونه الى مجلس المنطقة كما المندوب
المباشر لمصنع كبير. وهذا خاضع لقرارات وموازين المجالس نفسها وجزء من أي شكل من أشكال تنظيم العمال
وأنتظامهم، ولن يكون له أثر يذكر في احداث اي تعقيد. وعلى أية حال، ستشكل هذه الشبكة هرماً من المجالس المتصلة
ببعضها البعض وهرماً من اللجان التنفيذية للمجالس. وستشكل شبكة التجمعات العامة الشبكات التي تصوغ القرارت
وتنفذها وشبكات اللجان التنفيذية )والمراجع العليا لكل تجمع عام( ستشكل التنظيم اإلداري للحركة المجالسية على صعيد
البالد العام. وعلى رأس هذا الهرم يقف المجلس العام واللجنة التنفيذية للمجلس العام على صعيد البلد كله.
٥ الينفي النظام المجالسي مباشرة وجود اإلتحادات وإرتباطها بتلك المجالس. كمثال: يمكن إرسال أصناف معينة من العمال
التي ترى اإلتحادات هي الشكل المناسب إلنتظامها وتنظيمها )عمال صناعات المفرق، عمال الخدمات المنزلية، سواق
مراكز النقل الصغيرة الخ..( ممثليها في مستويات معينة الى مجلس المندوبين وبعبارة أخرى إعالن إرتباطها بالتنظيم
المجالسي العام. وفي هذه الحالة هناك شرط حياتي وهو استناد هذه التنظيمات على التجمعات العامة والرأي العام لألعضاء
وقابلية عزل وتنصيب المراجع مباشرة من قبل الناخبين. لهذا فإن النظام المجالسي يملك إمكانية الحفاظ على إرتباط الطبقة
العاملة والكادحين اآلخرين في األماكن المختلفة وفي المؤسسات االجتماعية المختلفة ببعضهم البعض. وبإمكان مجالس”القرى” أو مجالس الجنود اإلرتباط بهذه الحركة في مستوى معين )بإمكان حركة التعاونيات العمالية وغيرها أيضاً أخذ
مكانتها في هذه العالقات واإلرتباطات(. وبهذا الشكل يمنح النظام المجالسي إمكانيات أكبر بكثير من أجل بلورة وحدة
سياسية عريضة داخل الطبقة العاملة والتي لم تكن اإلتحادات تميل إليجادها أو عجزت عن تحقيقها.
وكما قلنا فإن موضوعة المجالس العامة )كما هو الحال مع موضوعة اإلتحادات العامة( هي، في هذه المرحلة، إطروحة
تجريدية. إالّ أن ما يتجسد أمامنا هو التأكيد على أن الحركة المجالسية تمتلك إمكانية الوجود بوصفها بديالً شامالً له تنظيم
إداري متواصل. فالخاصية المجالسية لهذه الحركة تبدأ من االسفل الى األعلى. والمجلس األساسي هو النموذج الذي يحدد
حركة التنظيم بمجمله. فإذا كان تشكيل اإلتحادات يجري عملياً من خالل جذب العمال الفاقدين من الناحية الحقوقية للتنظيم
الى اإلتحاد المحدد الشكل مسبقاً، فإن التنظيم العام للمجالس هو ثمرة وحصيلة اإلتحاد العملي للمجالس التي هي حتى في
إالّ بصورة حركة مجالس ولذا يتم تنظيمها من األسفل الى إنفرادها تشكل مجلساً. واليمكن للحركة المجالسية أن توجد
األعلى )هذه النقطة هي واحدة من نقاط قوتها في أوضاعنا الراهنة(.
حركة التجمعات العامة، هي المنطلق المبدأي والواقعي
يواجه مؤيدو فكرة النقابة، خارج الحزب، تناقضات معينة تضطرهم الى اللجوء نحو فكرة النقابات السرية. وفي الحقيقة
هناك فكرة هيئات المؤسسين السريين للنقابات في مواجهة موضوعة المجالس المستندة الى التجمعات العامة. وهنا تغيرت
عملياً صورة المسألة، فمن المقرر ّ أن الموضوع يدور حول التنظيمات الجماهيرية للعمال، في حين أن المدافعين عن النقابة
طمسوا مالمح هذا األمر.
وفي المقابل تطرح موضوعة الحركة المجالسية سبيل حل واقعي لهذه القضية. فقد أكدت وقائع هذه الفترة األخيرة من
النضال العمالي على العوامل التالية:
١ إن العمل االيراني في هذه الفترة بإمكانه اإلنتظام على الصعيد المحلي الجغرافي بسهولة أكبر من اإلنتظام على المستوى
الصنفي )حتى المجالس اإلسالمية للنظام إضطرت ألن تتشكل على أساس الحضور الجغرافي(.
٢ إن التنظيم اإلداري المعقد أقل قدرة على النجاح بالمقارنة مع بعض التنظيمات )من مثل التجمع العام( التي تتحول
بسرعة الى وسيلة وإطار للممارسة العمالية المباشرة. وقد رسخت اآلن فكرة التجمع العام لدى العمال وأصبحت ظاهرة
التجمعات العامة ظاهرة معروفة لدى العمال.
٣ إن كافة أخبار الحركة العمالية تتحدث عن مواجهة التنظيمات الصفراء لإلجتماعات والتجمعات العامة للعمال. ولهذا يقيم
العمال إجتماعاتهم اإلحتجاجية ويطلقون عليها تسمية التجمع العام في مواجهة التنظيمات الصفراء.
٤ إن كافة األحزاب السياسية المعارضة )التي تدعي اإلشتراكية( تتقبل فكرة التجمع العام.
٥ إن المستوى الحالي لنضال العمال في ايران ليس مستوى القيام بعمل عام وشامل وحتى في افضل األحوال هو نضال
يجري عن طريق اإلجتماعات المعملية- المحلية في وقت واحد. وليس هناك قيادة عامة شاملة، ولكن موضوع النضال )من
مثل قانون العمل وضمان البطالة( هو نضال عام وشامل. إالّ أن القيادة محلية وتقوم بدورها من خالل اإلجتماعات العمالية
المباشرة.
٦ ليس هناك أمكانية في بروز وظهور قادة معروفين على صعيد البالد، خارج تيار التنظيمات الصفراء في مدة زمنية
قصيرة. فهؤالء القادة، أوالً:اليملكون إمكانية البروز والحضور على هذا المستوى. )الوصول الى وسائل اإلعالم الجماعية،إمكانية الخطابة خارج المعمل وعلى الصعيد العام، تمثيل كافة العمال في التفاوض مع الدولة(، وثانياً:يتم قمعهم بسرعة.
ولذلك تشكل مسألة القيادة المحلية واحدة من المعطيات المعاصرة للحركة العمالية التي ينبغي أخذها في الحساب في أي
إطروحة للتنظيم العمالي. )بتصوري اليمكن إيجاد إتحاد عمال صناعة السيارات بهيئة مؤسسة آذربيجانية فقط في تبريز أو
في غيرها…(.
كل هذه وعوامل أخرى متعددة، تؤكد أن التنظيم العام للعمال ينبغي أن يبدأ اليوم من المستوى المحلي. وعلى هذا التنظيم
عال ًوة على ذلك تنظيماً جماهيرياً- علنياً. وتشير كل هذه العوامل الى شيء واحد هو: التجمع العام. ينبغي علينا أن أن يكون
نكون مؤيدين لحركة التجمعات العامة وتطوير هذه الحركة التي هي اآلن في طورها البدائي. فتنظيم حركة التجمعات العامة
هي الخطوة األولى على طريق تأسيس وبلورة حركة مجالسية عامة وشاملة.
ماذا تعني حركة التجمعات العامة؟
ربما ستجعل اإليضاحات التالية المسألة أكثر تجسيداً ووضوحاً.
١ هو ذلك المستوى من التنظيم المجالسي الذي، أوالً، ما زال العمال فيه لم يصلوا الى مستوى المجلس األساسي وما زال
تجمع الممثلين أمراً غير ممكناً. ثانياً، ما زالت التجمعات العامة فيه تعمل ال بوصفها مجلساً للمصنع، بل بوصفها تجمعاً
عاماً له دور بديالً للتنظيمات الصفراء. ثالثاً:بمعزل عن درجة اإلرتباط العملي والفني للتجمعات العامة ببعضها البعض،
مازالت فكرة صالحية التجمعات العامة بوصفها هيئات عمالية مستقلة ومعتبرة شائعة ومنتشرة الى
حًّد ما. رابعاً:التنظيم ًّ
الذي بدأت فيه العالقات األولية بين ممثلي التجمعات العامة من أجل كسب التضامن وللحصول على المعلومات.
٢ إن اإلعتراف الرسمي من قبل الدولة بالتجمعات العامة بوصفها الهيئات المقررة مازال أمراً غير وارداً. فالمسألة
األساسية هي االعتراف بهذه التجمعات بوصفها لسان حال العمال ورفع قامتها مقابل المجالس اإلسالمية. وينبغي لهذه
التجمعات أن تكون فاعلة ومؤثرة في صنع القرارات الجماعية، وحل الخالفات، وطرح وجهات النظر حول برامج الدولة.
اإلعتراف الرسمي بتلك التجمعات هو الشعار الذي ينبغي طرحه من قبل هذه الحركة.
٣ كذلك إن تنظيم التجمعات العامة ليس على أساس المالكات. فالمسألة األصلية هي تشكيلها في أوضاع مواجهة العمال
للدولة وألرباب العمل. والسعي لتنظيم عملية تشكيل التجمعات )بمعزل عن وجود إحتجاج وإضراب في وحدة معينة( هو
عمل ينبغي دفعه الى األمام في قلب حركة التجمعات العامة.
٤ إن المساعي الداعية لربط التجمعات عملياً بعضها بالبعض اآلخر هي أيضاً واحدة من السمات المشخصة لوجود حركة
التجمعات العامة. فحركة التجمعات العامة تعني إيجاد تلك التجمعات في المعامل الصغيرة والورش بوصفها القيادة المحلية
البديلة، وكذلك خلق وإيجاد صلة وعالقة بين التجمعات لخلق وبلورة حركة أوسع، لها قادتها المحليين على الصعيد العام
ولها قراراتها ومقرراتها المصادق عليها وغير ذلك، وهذه مهمة يضعها عامل ناشط في “حركة التجمعات العامة” في
جدول أعماله.
٥ ربما مازالت عالقة حركة التجمعات العامة بالحركة المجالسية قضية مفتوحة.وربما يعتبر انصار اإلتحادات هذه المرحلة
مرحلة لتشكيل اإلتحادات )الذين ال يملكون بالفعل مثل هذا البرنامج(. وإذا كان األمر كذلك، فما أروع ذلك! إالّ أن خصائص
هذه التجمعات تجعلها أكثر مناسبة في التحول الى أسس وركائز للحركة المجالسية. ومهمتنا التالية، بعد هذه المرحلة، هي
السعي لطي المراحل التالية:
١ تنظيم التجمعات.وإيجاد الهيئات التنفيذية.٢ إطالق تسمية المجالس العمالية عليها.
٣ اإلعتراف الرسمي من قبل الدولة بها )فرض هذا األمر على الدولة(. ومنح التجمعات شخصيتها الحقوقية.
٤ تشكيل هيئات التنسيق بين التجمعات بوصفها أسس مجالس المندوبين.
٥ تشكيل مجلس المندوبين على المستويات المحلية وهيئاته التنفيذية المرتبطة به.
٦ تشكيل الكتل الشيوعية )السرية غير المعلنة( داخل التجمعات، وتموضع المحرضين الحزبيين على رأس التجمعات وغير
ذلك.
٧ إيجاد النشرات، القرارات وغيرها الصادرة بإسم التجمعات والمجالس أو مجالس الممثلين.
٨ توسيع صالحيات شبكة المجالس في القضايا العمالية وصياغة القرارات الجماعية.
أما شعارات الدعاية والعبارات األساسية التي علينا ترديدها في هذه المرحلة فهي:”حركة التجمعات العامة”،”تنظيم التجمع
العام”، “ال للمجالس اإلسالمية، نعم للتجمع العام للعمال”،”تشكيل الهيئات التنفيذية للتجمعات العامة”،”التجمع العام
المنظم هو المجلس الواقعي للمصنع”،”سياستنا هي في توسيع حركة التجمعات العامة العمالية”،”التجمع العام هو من
يعبر عن إرادة العمال المباشرة”،”ينبغي أن ترتبط التجمعات العامة العمالية ببعضها البعض”،”التجمعات العامة العمالية
ومندوبيها هم فقط الذين لهم الحق في القرار بإسم العمال”وغير ذلك. بعبارة واحدة ينبغي أن تجسد لغة الدعاية وتظهر
التجمعات العامة ال كظاهرة معزولة وغريبة، بل كحركة عمالية من أجل إيجاد الهيئات الجماهيرية العمالية المقررة.
الخاتمة: إعادة لبعض اإلستدالالت
١ إن إطروحة الحركة المجالسية ليست إطروحة حديثة الظهور. فقد مرت الحركة المجالسية في روسيا بنفس هذه
المراحل. وقد كان للحركة المجالسية )ولجان المعامل( العمالية التي هي إسلوب في التنظيم العمالي وجوداً موازياً )وليس
إمتداداً( لحركة اإلتحادات العمالية. وهذه هي الحقيقة رأيناها بالطبع ورأينا الظهور الواسع لهذه الحركة الى العلن في
المراحل الثورية. والسؤال الذي ينبغي اإلجابة عليه هو: هل هذا هو المصير الحتمي للحركة المجالسية؟ وهل أن الطابع
المرحلي والضعف في ممارسة المجالس ناشئ من خصائصها الذاتية أو من العقبات ونقاط الضعف في الشكل التنظيمي
لهذه الحركة أو من عوامل أخرى )التي هي في ايران اآلن- أو حتى في المرحلة الراهنة- غير موجودة أو حتى أنها تعمل
بالضد( والتي تمنع تحول الحركة المجالسية الى بديل دائم مقابل الحركة النقابية؟ بتصوري إن العبارة األخيرة هي األكثر
تبريراً لألمر. إن اإلستمرار في عمل اإلتحادات ليس بسبب فاعليتها الذاتية أو تطابقها مع النضال العمالي، بل إن ذلك يعود
الى عوامل معينة فقدت اليوم موضوعيتها بدرجا ٍت كبيرة.
إن الحركة النقابية يمكنها ضمان البقاء ضمن حدود القوانين البرجوازية. فمن خصائص اإلتحاد السيطرة على الممارسة
المباشرة للعمال واإلنحراف نحو البيروقراطية. لذا فإن قسماً معيناً من البرجوازية نفسها يطالب بإستمرار اإلتحادات في
نشاطها )وهو نفس القسم الذي يعطل صالحيات اإلتحادات ويسلب منها صفتها الرسمية في ظل األوضاع الثورية في
مواجهة أية حركة عملية عمالية مباشرة(.
٢ لقد إقترنت حركة اإلتحادات بتيار حزبي حكومي برجوازي. وإستمرار الحركة النقابية هو وجه آخر إلستمرار اإلشتراكية
الديمقراطية في التمايز مع الشيوعية والفوضوية النقابية. فاإلتحاد هو بديل اإلشتراكية الديمقراطية في التنظيم العمالي. إنبإمكان الشيوعيين )وفي الكثير من الحاالت لن يكون لديهم مهمة بإمكانهم القيام بها( وينبغي عليهم تقبل هذا البديل. إالّ أن
تاريخ الحركة الثورية للطبقة العاملة يدل على أن المجالس، بوصفها هيئات ممارسة اإلدارة المباشرة للعمال- ليس فقط في
إدارة المجتمع، بل وكذلك في كل نضال إقتصادي او من اجل الرفاه – هي البديل المستقل للشيوعيين.
٣ إستمرار القانون البرجوازي في اداء دوره وإزدهار الرأسمالية. فراهنية اإلتحادات في العمل القانوني أو ضمن إطار
القوانين البرجوازية، يحدها رسوخ وثبات تلك القوانين بالنهاية. فالثبات واإلستقرار السياسي للبرجوازية هو عامل في
تقوية اإلتحادات وإن عدم إستقرارها سيشكل عامالَ في إضعاف اإلتحادات )لصالح أشكال ممارسة اإلدارة العمالية األكثر
إستقاللية- من مثل لجان المعامل والمجالس(. وللركود اإلقتصادي وخصوصاً األزمات اإلقتصادية العميقة نفس الدور بهذا
الخصوص. وليس هناك اليوم إتحاداً عمالياً واحداً تمكن من الحفاظ على قدرته بإستمرار في خضم البطالة المليونية، فإما
يضمحلَّ اإلتحاد ويواجه الكساد. وهذا الواقع هو الذي تريد الحركة النقابية أن تخرج الحركة العمالية من يد اإلتحاد أو
فرض التراجع عليه في األماكن التي تعد الحاضن األساسي لها. ومنذ اآلن شرعت المساعي العمالية الراديكالية والطليعية
من أجل إيجاد بدائل عمالية وأشكال جديدة من النضال بجانب أو حتى في مواجهة اإلتحادات. فعدم اإلستقرار السياسي
القادم في ايران ووقوع القوانين البرجوازية تاريخياً تحت طائلة السؤال )حتى في أكثر مراحل اإلستبداد الملكي وحشية( هو
عامل مهم في عدم تنامي اإلتحادات العمالية. وهذا هو العامل الذي علينا أخذه بنظر اإلعتبار اليوم أثناء طرحنا آلفاقنا أمام
العامل االيراني.
٤ نضال الحركة النقابية ضد الراديكالية العمالية بأشكال أخرى. فلماذا التملك الحركة المجالسية مساراً شبيهاً باإلتحادات؟
إن أحد دالئل هذا األمر هو المعارضة الذاتية للتيار النقابي للتنظيم العمالي البديل. وفي أمريكا ّجرت هذه المسألة أقدام
المافيا الى الميدان. وفي بريطانيا لن تجد أي قائد في )TUC *)لم يمارس في مرحله من مراحل نشاطه كسراً إلض ٍ راب ما
ولم يستلب الطابع الرسمي من لجان اإلضرابات واللجان العملية. إن الحركة النقابية تحصل على بدالت العضوية قانونياً
وبشكل منظم )بمساعدة الجهاز القضائي للبلد( وتحصل على ميزانيتها بإستمرار. ويصرف قسم كبير من تلك الميزانية
لتعليم العمال الناشطين التقاليد النقابية، وإشاعة األفكار النقابية والترويج لها )ومن المناسب أن تصرف في مكانها
المناسب(. أما مسألة ورود إسم “اإلتحاد” الى الذهن متى ما جرى الحديث عن النضال اإلقتصادي والرفاهي للعمال اليوم،
فهو ليس ناتجاً عن اإلرتباط الذاتي والثابت لإلتحاد بهذا األمر، بل هو ناتج عن ممارسة إجتماعية معينة ترسخ أحد البدائل
الموجودة في التنظيم العمالي- في المواجهة مع بقية األشكال المطروحة أمام الحركة العمالية والتي هي قوية ومقتدرة أيضاً
– وغرسه في أذهان جماهير العمال.
إن هناك عوامل كثيرة يمكن تعدادها فيما يتعلق بإيضاح أسباب إزدهار اإلتحادات في القرن العشرين. عوامل مهمة بهت
دورها بعد ضعف الحركة النقابية نفسها. فموضوعنا هو أن النضال اإلقتصادي والرفاهي العمالي اليرتبط ذاتياً باإلتحادات،
بل يمكن مشاهدة مساعي وإتجاهات أخرى داخل نفس الحركة العمالية. وإحدى هذه اإلتجاهات هي مساعي لتنظيم الحركة
المجالسية ولجان المعامل التي إرتبطت تقليدياً بالجناح اليساري داخل الحركة العمالية.
منصور حكمت

  • أحد اإلتحادات المشهورة في بريطانيا )Congress— union —Trades – )المترجم
    من اصدارات صفحة منصور حكمت com.hekmat-mA.www://http لترجمة ابحاث الشيوعية العمالية.ترجمة: يوسف محمد
    hekmat.public-archive.net #2440ar.htm

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى